الخوارج:

تعريف الخوارج

    لمفهوم الخوارج في اصطلاح علماء المسلمين معنى عام ومعنى خاص، فعلى الأول يقصد بالخوارج: كل من خرج عن الجماعة، وتمرد على الإمام الحق، وخالفه في سياسته وحكمه.

قال الشهرستاني(ت 548ﻫ ): (( كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه، يسمى خارجيا، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين، أو كان بعدهم على التابعين بإحسان، والأئمة في كل زمان ))[1].

     أما على المعنى الثاني، فالخوارج اسم لحزب سياسي، وحركة تمردية، خرجت عن طاعة الإمام علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه) بعد حادثة التحكيم، ورفعت شعار( لا حكم إلا لله ) وأعلنت الحرب على المجتمع الإسلامي آنذاك، لأسباب دينية وسياسية .

    وإذا أطلق لفظ( الخوارج) فإنه يراد به المعنى الثاني على الأغلب.

أسماؤهم وألقابهم

 للخوارج أسماء وألقاب متعددة يعرفون بها، فاسم (الخوارج) عند مخالفيهم اسم ذم، وأنهم سموا بذلك لخروجهم عن الجماعة، أو عن الدين، أو عن الحق، أو لخروجهم على الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).

    أما الخوارج أنفسهم، فيرون أن اللفظ المذكور اسم مدح من الخروج في سبيل الله، مستشهدين بقوله تعالى: [ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما].

    ومن أسمائهم (الشراة) وهي تسمية استمدوها من قوله تعالى: [إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة] ومن قوله تعالى: [ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ] وكانوا يحبون هذا الاسم ويفتخرون به.

   ومن أسمائهم أيضا ( الحرورية )  نسبة إلى ـ حروراء ـ وهي اسم قرية قرب الكوفة، التي اجتمع فيها أسلافهم، بعد خروجهم عن طاعة الإمام علي( رضي الله عنه) . واشتهروا بهذا الاسم في عهد الأمويين.

    ويسمون أيضا (المحكمة) فهي من أول أسمائهم التي أطلقت عليهم، وذلك لتردادهم القول في حادثة التحكيم: تحكمون في أمر الله الرجال، لا حكم إلا لله .

   كما أن مخالفيهم أطلقوا عليهم أسماء وألقاب أخرى، كالنواصب والمارقة والباغية وغير ذلك.

 

أسباب خروجهم

  لا يكاد الباحث يجد سببا حقيقيا جديرا بأن يدفع الخوارج إلى إراقة الدماء، وإزهاق الأرواح، وسلب أموال المسلمين، وقتل نسائهم وأطفالهم، والراجح أن أسبابا مجتمعة ودوافع كامنة هي التي أدت بهم إلى الخروج، ومن تلك الأسباب والدوافع:

    1ـ حادثة التحكيم: يرى معظم المؤرخين أن حادثة التحكيم هي السبب الرئيسي والمباشر لظهور الخوارج كحزب سياسي وحركة تمردية، مع ذلك لا يستبعد أن تكون وراء هذا السبب عدة دوافع وأسباب أخرى، هي بمثابة التمهيد والمقدمة لظهور الخوارج .

    2ـ العصبية القبلية: تعد العصبية القبلية من أهم خصائص التكوين العقلي، للعربي في جاهليته، والتي جاهد الإسلام من أجل الحد منها، واجتثاثها من جذورها.

    على هذا فقد ارتد أكثر القبائل العربية بعد وفاة النـبـي (صلى الله عليه وسلم ) مباشرة، ومن أهم أسباب ذلك، عدم اعتراف القبائل المختلفة بسلطان قريش، التي كانت تمثل السلطة المركزية آنذاك.

    وبعد حروب الردة استقر الوضع ، ودام هذا الاستقرار طوال عهد الخليفتين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب ( رضي الله عنهما) وخفي أثر تلك العصبية المذمومة.

    أما في عهد الخليفة عثمان بن عفان ( رضي الله عنه) ظهرت مرة أخرى تلك الروح التقليدية للتمرد القبلي، وذلك بسبب استغلال بني أمية مكانتهم وقرابتهم من الخليفة، ومن ثم قيام بعضهم بأمور كانت تتنافى والمباديء الأساسية للدين الإسلامي، لذلك اضطربت الأحوال تدريجيا، وكثرت الشكاوى عن الولاة، وانتهى الوضع باستشهاد الخليفة عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) .

   وعندما تسلم الإمام علي (رضي الله عنه) زمام الخلافة، وعارضه الشاميون، التفت القبائل العربية الأصيلة حول الإمام، هناك انبعثت روح العصبية بقوة، التي كانت تتمثل في المنافسات الحادة بين قادة القبائل ، لأن تكون الصدارة والكلام للبعض دون غيره.

   وفي أثناء حادثة التحكيم أحس بعض القادة من عرب تميم، أن قبول الصلح مع معاوية بن أبي سفيان، يعني الاعتراف بشرعية أمره وقوته، ومن ثم إعادة بني أمية إلى ما كانوا فيه زمن عثمان  ( رضي الله عنه) لذلك انقلب أكثر التميميين على الإمام علي( رضي الله عنه ) وفي مقدمتهم: عروة بن أديّة، وحرقوص بن زهير، ومسعر بن فدكي، وغيرهم.

   3ـ التشدد في العبادات والدعوة إلى العدالة المطلقة: في عهد الخليفة عثمان بن عفان ( رضي الله عنه) ظهرت طبقة من الأتقياء بقوة، كانوا يحفظون القرآن ويتلونه جهرا وسرا، دون التعمق في فهمه، ويتشددون في العبادات، ويدعون إلى بناء مجتمع إنساني مثالي يسوده العدل المطلق في توزيع الثروة ، ويخلو من الفروق الطبقية والنزاع السياسي.ولهؤلاء القراء أثر كبير في رفع الشكاوى عن بعض الولاة، وتحريك الناس ضد سياسة الخليفة الثالث.

   وفي حرب صفين كان معظم القراء في جيش الإمام علي ( رضي الله عنه) ولما قام الشاميون أثناءالحرب برفع المصاحف على أسنة الرماح، أرغم القراء الإمام عليا على الهدنة ووقف القتال، وبعد إعلان نتائج التحكيم، علم بعض القادة من القراء بحيلة الشاميين، طلبوا من الإمام علي مواصلة قتالهم ، وحينما رفض الإمام طلبهم، خرجوا عليه، ومن أبرز هؤلاء: عبد الله بن وهب، وعروة بن أدية ، وغيرهما.

   4ـ جور بعض الولاة وظهور المنكرات: كان الخوارج يؤكدون في خطبهم وأشعارهم ومقالاتهم، على أن السبب الحقيقي لخروجهم هو ظلم الحكام وظهور المنكرات في المجتمع، وفي الواقع أنهم حينما خرجوا فعلوا أضعاف ما كان موجودا من المظالم والمنكرات،        

 

حادثة التحكيم والظهور الفعلي للخوارج

    عندما اشتد القتال في صفين بين جيش الإمام علي وجيش معاوية، وأحس معاوية بانهزام جيشه، طلب من عمرو بن عاص أن ينجيه بدهائه، فأشار عليه عمروبرفع المصاحف على أسنة الرماح، والدعوة إلى الاحتكام إلى القرآن،.

    والجدير بالإشارة أن عمرا كان واثقا من أن فكرته ستحدث البلبلة في صفوف جيش الإمام علي، وهذا ما حصل فعلا، وقد اختلف جيش الإمام اختلافا شديدا، ففرقة كانت تقول نجيب إلى كتاب الله عز وجل، وهم غالبية الجيش، وفيهم أكثر القراء، وفرقة تأبى إلا القتال، وفرقة أخرى اتخذت موقفا وسطا،وتركت الأمر للإمام علي.

     ففي هذا الموقف الحرج جاء فريق من القراء إلى الإمام علي، فخاطبوه باسمه لا بإمرة المؤمنين، وهددوه بالقتل إن لم يقبل بعرض الشاميين، ومن هنا اضطر الإمام إلى وقف القتال وعقد الهدنة والرضا بطلب الشاميين.

     وقرر الطرفان ( الإمام علي ومعاوية) إيقاف القتال والرجوع بالجيش، وإرسال كل منهما رجلا من عنده ليكون ممثلا له للنظر في شؤون الأمة، وحدد شهر رمضان لاجتماع الممثلين، وهما: أبو موسى الأشعري ممثل الإمام علي، وعمرو بن عاص ممثل معاوية، وعلى كلا الطرفين الالتزام بما يقرره الممثلان أو الحكمان.

     لم تمرر ساعات على هذا الاتفاق ، فقد دبت الفوضى في صفوف الإمام علي، وانقلب معظم القراء وكثير من التميميين عليه، ورفعوا شعار( لا حكم إلا لله ) واجتمعوا بحروراء، مع أنهم هم الذين أرغموا الإمام على عقد الهدنة، وبعدما رجع الإمام علي إلى الكوفة، بعث إلى هؤلاء المتمردين عبد الله بن عباس، فناظرهم وناقشهم وبين لهم أخطائهم، فرجع أكثرهم، وبقي آخرون منهم.

    وفي شهر رمضان سنة( 37ﻫ ) اجتمع الحكمان أبو موسى الأشعري وعمرو بن عاص بأذرح ـ موقع بين الشام والكوفة ـ وبعد كلام طويل بينهما، اتفق الحكمان على خلع علي ومعاوية ، وأن يكون الأمر شورى بين المسلمين، فيختاروا لأنفسهم من أحبوا.

    ففي هذا الموقف الخطير مكر عمرو بأبي موسى، وقدمه ليتكلم بما اتفقا عليه، فصرح أبو موسى على مرأى ومسمع من الناس بخلع الإمام علي ومعاوية، وبعده مباشرة، صرح عمرو بخلع الإمام علي وإثبات معاوية، ومن ثم بدأت الفوضى مرة أخرى وانفصل الفريقان دون حل.

    ولما انتشر خبر الحكمين، ترك جمع كبير جيش الإمام علي سرا، وفيهم عدد من القراءوكثير من البدويين، والتحقوا بالفئة الأولى من الخوارج، واجتمعوا بالنهروان، وعينوا عبد الله بن وهب الراسبـي أميرا عليهم، كذلك اختاروا حرقوص بن زهير السعي التميمي إماما للصلاة، واخذوا يقتلون كل من لم يشاطرهم رأيهم، ويعترف بإمامهم، ويلعن عثمان وعليا، وصاروا يستحلون دماء خصومهم من المسلمين.

    وحين علم الإمام علي بأخبار الخوارج أنهم عاثوا في الأرض فسادا، وسفكوا الدماء، وقطعوا السبل، سار إليهم بجيشه، وأرسل إليهم ابن عباس فناظرهم وأجاب عن أسئلتهم ومبررات خروجهم، فرجع ألفان منهم، أما الباقون فقد أبيدوا ولم ينج منهم إلا بضعة نفر.    

      

صفات الخوارج وخصائصهم

    يتميز الخوارج بجملة صفات قلما تجدها في سواهم، إذ جعلتهم يستمسكون بآرائهم أشد الاستمساك ويتعصبون لها تعصبا عجيبا، ومن أبرز تلك الصفات:

   1ـ الأخذ بظاهر النصوص وعدم التعمق في فهم الأمور:

    التمسك بظاهر النصوص إذا كان نابعا عن السطحية، والسذاجة، وعدم التعمق في فهم مقاصد الشارع عزّ وجلّ، ومآلات الأفعال والتصرفات، فإن ذلك يؤدي حتما إلى الوقوع في التناقضات والاخطاء الكبيرة في تفسير النصوص.

    وكان هذا منهج الخوارج في أكثر مراحلهم، فإنهم استدلوا على تكفير المجتمع بقوله تعالى:[ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون] وبقوله جلّ وعلا:[ إن الحكم إلا لله] وقالوا بأن كل مرتكب للذنوب فقد حكم بغير ما أنزل الله، كذلك استدل نافع بن الأزرق رأس الأزارقة من الخوارج، على تكفير الأطفال وقتلهم بقوله تعالى: [ رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا] .

 

   2ـ التشدد في العبادات والمبالغة فيها:

    يعد التشدد في العبادات والمبالغة فيها، من أبرز ملامح الخوارج، واشتهروا بأن جباههم قرحة، وأيديهم وركبهم كثفنات الإبل، لكثرة السجود وطولها.

   وحكي أن زياد بن أبيه لما قتل عروة بن أُدية، دعا مولاه فقال له: صف لي أمره، قال المولى : أأطنب أم أختصر ؟ فأجابه زياد: بل اختصر. قال المولى: والله ما أتيته بطعام في نهار قط، ولا فرشت له فراشا بليل قط.

   3ـ اتخاذ صورة التطرف والقسوة في معاملتهم مع المسلمين:

    هذه سمة أخرى من سمات الخوارج، فإنهم يعدّون أنفسهم مؤمنين بالحق، ومذهبهم مذهب الحق، وأخذوا يكرهون الناس على اعتناق آرائهم بالقسوة والعنف، ويجعلون دار غيرهم من المسلمين دار حرب ، ولا يجيزون البقاء فيها، وإذا وجدوا مخالفا لهم امتحنوه، فإذا كان على غير مذهبهم قتلوه، هذا بالنسبة للمسلمين، أما مع اليهود والنصارى والكفار الأصليين، فكانوا يعاملون بالسماحة والرفق.  

   4ـ اتصافهم بالشجاعة والتضحية من أجل مبادئهم:

    من الصفات التي امتاز بها الخوارج، الشجاعة والرغبة في الموت من أجل مبادئهم، وكانوا يرون أن الجبناء والأذلاء فقط يموتون خارج ساحة الوغى، فمع قلة عددهم كانوا صامدين جدا أمام حملات الأمويين عليهم، واستطاعوا أن يهزوا أركان دولتهم لمدة ستين عاما فأكثر.

    ومن أبرز أبطالهم وقادتهم: القطري بن الفجاءة، الذي بقي عشرين سنة يقاتل الأمويين، ويسلم عليه من قبل أتباعه بالخلافة وإمارة المؤمنين.

    ومن عجائب أمورهم كانت النسوة تخرج مع جيوشهم، تقاتل جنبا إلى جنب الرجال، ولم يكنّ أقل من الرجال شجاعة واستعدادا للموت، وفي مقدمتهن: أم حكم زوجة القطري ، كانت تشارك في الحروب بشجاعة فائقة، ومن أقوالها وهي تحمل على صفوف الأعداء:

   أحمل رأسا قد سئمت حمله                         وقد مللت دهنه وغسله

                               ألا فتى يحمل عني ثقله

   5ـ تميزهم بالبلاغة والفصاحة:

    من مميزات الخوارج على الأغلب، اتصافهم بالفصاحة وطلاقة اللسان والعلم بطرق التأثير البياني، ونشأ بينهم خطباء وشعراء مجيدون، لهم تأثير بالغ على سامعيهم.

    ومن أجود أشعارهم قول القطري بن الفجاءة، وهو يخاطب نفسه:

    أقول لها وقد طارت شعاعا                     من الأبطال ويحك لا تراعي

    فإنك لو سألت بقاء يوم                        على الأجل الذي لك لم تطاعي

    فصبرا في مجال الموت صبرا                     فما نيل الخلود بمستطاع

    ولا ثوب الحياة بثوب عز                      فيطوى عن أخي الخنع اليراع

    سبيل الموت غاية كل حي                     وداعيه لأهل الأرض داعي

   6ـ غلبة الفوضى والاضطراب على سلوكهم:

    من أبرز نقاط الضعف في الخوارج من الناحية السياسية والتنظيمية، غلبة الفوضى والاضطراب على سلوكهم وتصرفاتهم، ولولا ذلك لكان لهم شأن آخر، ولكان من العسير القضاء عليهم، ومن فوضاهم: إعلان الحرب على كل من لم يكن من جماعتهم، خروج بعضهم على البعض لأتفه الأسباب، وقيامهم بخلع القادة واستتابتهم لمجرد تصرف بسيط،وغير ذلك من التناقضات التي وقعوا فيها: تقوى، وإخلاص، وانحراف، واضطراب، وتشدد، وخشونة، والبكاء من خشية الله، وقتل الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال، معاملة المسلمين بقسوة وعنف، ومعاملة اليهود والنصارى بلين ورفق وسماحة.   

  فرق الخوارج وآراؤهم

 

     تشعبت فرقة الخوارج إلى جماعات وفرق عديدة، أشهرها:الأزارقة، النجدات، الصفرية، العجاردة، الثعالبة، الإباضية، واتفق معظم هذه الفرق على الأمور الآتية:

     إكفار الإمام علي، وعثمان، وأصحاب الجمل، ومعاوية وأتباعه،، والحكمين،  وكل من رضي بتحكيمهما.

    تكفير مرتكب الكبائر.

    الإمامة تكون بالانتخاب والشورى،وجميع الناس في أمر الإمامة سواء،لا فرق في ذلك بين قرشي وغيره، وبين عربي وعجمي، وإذا خالف الإمام الحق وجب عزله،فإن لم ينعزل وجب قتله.

    القرآن كلام الله، وأنه مخلوق لله، لم يكن ثم كان.

     الإيمان هو التصديق بالقلب، والاقرار باللسان، والعمل بالجوارح .

    الاهتمام بالقرآن الكريم وعدم الالتفات إلى الأحاديث النبوية، إذا لم تكن موافقة لما في القرآن موافقة تامة، ومن هذا المنطلق رفضوا عقوبة الرجم، وعقوبة الجلد لشارب الخمر، وقالوا بقطع يد السارق في القليل والكثير، وأنكروا عذاب القبر ونعيمه.

      وكانت الأزارقة من أعظم فرق الخوارج، ولهم آراء خطيرة، منها:

     أ ـ إن مخالفيهم من المسلمين ، كافرون مشركون مخلدون في النار.

    ب ـ إن أطفال ونساء مخالفيهم مشركون كالرجال، لذا وجب قتالهم وقتلهم.

     ج ـ إن دار مخالفيهم دار حرب،فلا يجوز البقاء فيها، لذلك كفروا القعدة من أتباعهم.

        واليوم لا نجد لفرق الخوارج أثرا سوى فرقة الإباضية المتواجدة في سلطنة عمان بنسبة مرتفعة، وفي بعض مناطق ليبيا، وتونس، والجزائر، وتنزانيا، بنسبة أقل .

       والإباضية هم أتباع عبدالله بن إباض ، الذي توفي على أغلب الظن في خلافة مروان بن محمد الأموي،وانتسب في مذهبه إلى بعض التابعين:كجابر بن زيد(ت93ﻫ) وعكرمة(ت105ﻫ ) ومجاهد (ت 104ﻫ ) وغيرهم .

      والجدير بالذكر أن اعتدال الإباضية وعدم غلوهم كان سببا في بقائهم إلى يومنا هذا، وقد حاولوا في ابتناء آرائهم، الابتعاد عن غلو الخوارج عموما، ومن أهم آرائهم الاعتقادية:

    إن مخالفيهم من أهل القبلة، كافرون كفر نعمة لا كفر اعتقاد، أي أنهم لا يخرجون من الإسلام إلا أنهم غير كاملي الإيمان، وعليه يصححون التزاوج والتوارث معهم .

      إن أهل الكبائر موحدون لا مؤمنون .

      إن دار مخالفيهم دار التوحيد إلامعسكر السلطان فإنه دار بغي .

      يتفقون مع المعتزلة في : نفي رؤية الله، ونفي الشفاعة للعصاة والمذنبين، ونفي الصفات الزائدة على الذات، والقول بخلق القرآن، ونفي حقيقة الميزان والصراط وتأويلهما.

      يقولون بنظرية الكسب كالأشاعرة تقريبا.

       يأخذون بالتقية خلافا لجميع فرق الخوارج .

     يقولون بوجوب نصب الإمام، وصحة إمامة المفضول مع وجود الأفضل، ورفض شرط النسب في الإمام.  

      وفيما يتعلق بالمسائل الفقهية، فلهم مذهب خاص كباقي المذاهب الفقهية، ومن أشهر مصادرهم الفقهية كتاب (شرح النيل وشفاء العليل ) لمحمد بن يوسف أطفيش (ت 1914م ) وقد عرض لفقه المذهب عرضا دقيقا ومسهبا، يستدل بالقرآن، والسنة النبوية، وآثار الصحابة، وأقوال أئمة المذهب الإباضي ، ومن آرائهم الفقهية: أنهم يبطلون الصلاة بالقنوت فيها، وويرفضون المسح على الخفين، وأنهم لايرون رفع الأيدي مع تكبيرة الإحرام ولا بعدها، ولاضمها إلى الصدر، وأن الرضاع قليله وكثيره يحرم التزاوج عندهم، وغيرذلك.

      ومن أشهر علمائهم :جابر بن زيد (ت 93ﻫ ) ابن أبي كريمة (ت145ﻫ ) الربيع بن حبيب الفراهيدي صاحب المسند الخاص باسمه، و سلمة بن سعد ( وهما من أعيان المائة الثانية للهجرة) ويوسف بن إبراهيم الورجلاني(ت 570ﻫ) ومحمدبن يوسف إطفيش ، وغيرهم .

         

تعليقات

المشاركات الشائعة