بسم الله الرحمـن الرحيم

 (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ 


)

 

 

 

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـــــد

 

أخي صاحب الرسالة لقد اخترت لك هذه الآية عنواناً للرد على رسالتك ولو لم يكن رداً إلا هي لكفت وأفحمت ، قال تعالى ) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ (36)

 

  فالله سبحانه وتعالى وهو عالم الغيب والشهادة – علم ما كان وما يكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون - علم أنه سيكون من خلقه من ينسب الخلق لغيره فأنزل قرآناً يتلى إلى يوم القيامة ليفتح  به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا ، ويدل خلقه عليه أنه لا خالق في هذه الكون إلا هو سبحانه  .

 

الآن السؤال هو : كيف يعرف العبد الله تعالى ؟  يعرفه بمعرفة نفسه أولاً ، قال تعالى { وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }[الذاريات : 21] ثم يستدل على وجود الله تعالى بهذا الكون كله بما في ذلك نفس الإنسان ، لأن الإنسان مخلوق وهذا الكون مخلوق ، والمخلوق لا بد له من خالق ،والخالق عدلاً لا بد أن يكون مخالف للمخلوق ،" ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " .

 

إذن يعرف العبد أن له رباً خالقاً عظيماً يستحق للعبادة ، يعرفه بأسمائه وصفاته وآلائه .

 

فإذا قيل من ربك ؟ فقل : ربي الله الذي ربَّاني وربى جميع العالمين بنعمه ، وهو معبودي ليس معبود لي سواه ، والدليل قوله تعالى : { الحمد لله رب العالمين }، وكل ما سوى الله عالم ، وأنا واحد من هذا العالم .

 

فإذا قيل كيف عرفت ربك فقل بآياته ومخلوقاته ، ومن آياته : الليل والنهار والشمس والقمر ، ومن مخلوقاته : السماوات السبع وما فيهن وما بينهن ، ودليل ذلك قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } (فصلت:37)

 

وقوله تعالى { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } (لأعراف:54) وقوله تعالى : {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ } (يّـس:37 وقوله تعالى { وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } (يّـس:38)

 

وقوله تعالى{لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يّـس:40)

 

والرب هو المعبود والدليل قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } (البقرة: 22 )  قال ابن كثير رحمه الله تعالى الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة – فالذي لا يخلق ولا يرزق لا يستحق أن يعبد - 

 

ومن المعلوم أن الإيمان بالله تعالى  يتضمن الإيمان بوجوده سبحانه تعالى:

وقد دل على وجود الله تعالى: الفطرة، والعقل، والشرع، والحس.

  1- أما دلالة الفطرة على وجوده: فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو بمجساته". رواه البخاري.

  2- وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى: فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لابد لها من خالق أوجدها إذ لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة.

لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها لأن الشيء لا يخلق نفسه، لأنه قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقاً؟‍

ولا يمكن أن توجد صدفة، لأن كل حادث لابد له من محدث، ولأن وجودها على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف، والارتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها، وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنع منعاً باتاً أن يكون وجودها صدفة، إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده فكيف يكون منتظماً حال بقائه وتطوره؟‍ فهل تبقى الصدفة – يا أخي المتعلم " الجامعي "  -  ترعى هذا الكون وتسيره بعد وجوده بهذا الاتقان العظيم منذ ملايين السنين ، فسبحان الله القائل { لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }

وإذا لم يمكن أن توجد هذه المخلوقات نفسها بنفسها، ولا أن توجد صدفة ، تَعَيَّن أن يكون لها موجد وهو الله رب العالمين.

وقد ذكر الله تعالى هذا الدليل العقلي والبرهان القطعي في سورة الطور، حيث قال: [أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون] يعني أنهم لم يخلقوا من غير خالق، ولا هم الذين خلقوا أنفسهم، فتعين أن يكون خالقهم هو الله تبارك وتعالى، ولهذا لما سمع ـ جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآيات: ]أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون . أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون . أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون[ وكان ـ جبير ـ يؤمئذ مشركاً قال: (كاد قلبي أن يطير، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي) رواه ـ البخاري ـ مفرقاً.

ولنضرب مثلاً يوضح ذلك، فإنه لو حدثك شخص عن قصر مشيد، أحاطت به الحدائق، وجرت بينها الأنهار، وملىء بالفرش والأسِرَّة، وزين بأنواع الزينة من مقوماته ومكملاته، وقال لك: إن هذا القصر وما فيه من كمال قد أوجد نفسه، أو وجد هكذا صدفة بدون موجد، لبادرت إلى إنكار ذلك وتكذيبه، وعددت حديثه سفهاً من القول، أفيجوز بعد ذلك أن يكون هذا الكون الواسع بأرضه، وسمائه، وأفلاكه، وأحواله، ونظامه البديع الباهر، قد أوجد نفسه، أو وجد صدفة بدون موجد؟!

  3- وأما دلالة الشرع على وجود الله تعالى: فلأن الكتب السماوية كلها تنطق بذلك، وماجاءت به من الأحكام المتضمنة لمصالح الخلق دليل على أنها من رب حكيم عليم بمصالح خلقه، وما جاءت به من الأخبار الكونية التي شهد الواقع بصدقها دليل على أنها من رب قادر على إيجاد ما أخبر به.

  4- وأما أدلة الحس على وجود الله فمن وجهين: أحدهما: أننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين، وغوث المكروبين، ما يدل دلالة قاطعة على وجوده تعالى، قال الله تعالى: ]ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له[ وقال تعالى: ]إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم[ وفي صحيح البخاري عن ـ أنس بن مالك ـ رضي الله عنه: "أن أعرابياً دخل يوم الجمعة والنبي (صلى الله عليه وسلم) يخطب، فقال: "يا رسول الله، هلك المال ، وجاع العيال، فادع الله لنا" فرفع يديه ودعا فثار السحاب أمثال الجبال فلم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحدر على لحيته. وفي الجمعة الثانية قام ذلك الأعرابي أو غيره فقال: "يا رسول الله تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا " فرفع يديه وقال: "اللهم حوالينا ولا علينا " فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت".

وما زالت إجابة الداعين أمراً مشهوداً إلى يومنا هذا لمن صدق اللجوء إلى الله تعالى وأتى بشرائط الإجابة.

ومن الأدلة على وجود الخالق سبحانه وتعالى : أن (آيات الأنبياء) التي تسمى (المعجزات) ويشاهدها الناس، أو يسمعون بها، برهان قاطع على وجود مرسلهم، وهو الله تعالى، لأنها أمور خارجة عن نطاق البشر، يجريها الله تعالى، تأييداً لرسله ونصراً لهم.

مثال ذلك آية موسى (صلى الله عليه وسلم) حين أمره الله تعالى أن يضرب بعصاه البحر، فضربه فانفلق اثني عشر طريقاً يابساً، والماء بينها كالجبال، قال الله تعالى: ]فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم[ .

ومثال ثان : ( آية عيسى صلى الله عليه وسلم ) حيث كان يحيي الموتى ، ويخرجهم من قبورهم بإذن الله ، قال الله تعالى عنه : ] وأحيي الموتى بإذن الله[ ، وقال : ]وإذ تخرج الموتى بإذني

ومثال ثالث (لمحمد صلى الله عليه وسلم) حين طلبت منه قريش آية، فأشار إلى القمر فانفلق فرقتين فرآه الناس، وفي ذلك قوله تعالى: ]اقتربت الساعة وانشق القمر. وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر[.

 

- وقد أثبت علماء الفضاء هذا ، حيث كانت مقابلة على شاشة تلفاز لإحدى القنوات الانكليزية مع علماء الفضاء وأثبتوا أن هناك حزام من الصخور متوسطاً للقمر وعلى طوله وهذا – أي قولهم – يعطي دلالة أن القمر كان منشطراً يوما ما  فهذه الآيات المحسوسة التي يجريها الله تعالى تأييداً لرسله، ونصراً لهم، تدل دلالة قطعية على وجوده تعالى.

 

قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى *- ـ فأما دلالة العقل على وجود الله تعالى ، فنقول: هل وجود هذه الكائنات بنفسها، أو وجدت هكذا صدفة؟

فإن قلت: وجدت بنفسها، فمستحيل عقلاً ما دامت هي معدومة؟ كيف تكون موجودة وهي معدومة؟! المعدوم ليس بشيء حتى يوجد، إذاً لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها وإن قلت: وجدت صدفة، فنقول: هذا يستحيل أيضاً، وتابع ابن عثيمين قوله فأنت أيها الجاحد، هل ما أنتج من الطائرات والصواريخ والسيارات والآلات بأنواعها، هل وجد هذا صدفة؟! فيقول: لا يمكن أن يكون. فكذلك هذه الأطيار والجبال والشمس والقمر والنجوم والشجر والجمر والرمال والبحار وغير ذلك لا يمكن أن توجد صدفة أبداً.

 قيل لأعرابي من البادية: بم عرفت ربك؟ فقال: الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير؟

ولهذا قال الله عز وجل: ]أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون[ [الطور: 35].

فحينئذ يكون العقل دالاً دلالة قطعية على وجود الله.

 

 *- وإليك أخي صاحب الرسالة بعض الآيات من القرآن الكريم والتي تشير إلى أن الخالق لهذا الكون هو الله تبارك وتعالى ولا يوجد للصدفة مكان في هذا الكون لقوله تعالى { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } [الحديد : 22] ولقوله أيضاً { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التغابن : 11]

 

ولقوله صلى الله عليه وسلم ( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة قال وكان عرشه على الماء ) . رواه مسلم .   ولقوله أيضاً ( أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال رب وماذا أكتب قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ) صحيح أبي داود

 

*- وإليك بعض الوقفات مع القرآن وإعجازه العلمي- لمحمد اسماعيل ابراهيم

 قال : القرآن يهدى القلوب التى تتدبره وتنير العقول التى تتفهمه: لقد آمن بالاسلام وبالقرآن أفراد وجماعات كثيرة من غير المسلمين، وكان إسلامهم نتيجة تأثير القرآن في نفوسهم بطريق مباشر أو غير مباشر، فأما عن تأثيره المباشر فقد اعترفت به أفراد من علماء أوروبا ذوى الالباب والفطر السليمة ممن سمعوا القرآن أو قرأوه وفهموا بعض أسراره وإعجازه، ومن أمثلة ذلك ما فهمه أحد الاطباء من قوله تعالى في سورة النساء آية - 56: كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب) فأدرك أن وراء هذه الآية حقيقة علمية ما كانت معلومة للناس وقت نزول القرآن، وأنه لابد أن يكون من كلام عليم خبير بتركيب جسم الانسان، وبشبكة الاعصاب الدقيقة التى تنتشر أطرافها في الطبقة الجلدية وهى التى نستقبل الاحساس بالحرارة والبرودة والالم والراحة.

فهم ذلك الطبيب من الآية أن تجدد الألم الذي انقطع بحرق الجلد لا يكون  إلا بإعادة الجلد حيا كما كان لكي يتجدد ألمه مرارا وتكرارا كلما تبدل الجلد في كل مرة بعد حرقه، وتأكد الطبيب بأن هذا الكلام لا يصدر إلا من عالم خبير بتركيب الجسم البشرى ووظيفة الاعصاب المنتشرة في كيانه، وأن هذا الكلام نزل منذ قرون بعيدة على لسان نبي أُميّْ لم يدرس علم الطب ولا التشريح فأيقن أن هذا كلام من أرسل محمدا رسولا فآمن به وأسلم.

 

- يا أخي هل الصدفة هي التي أنتجت هذا الجسم وكسته بهذا الجلد الذي يحتوي على هذه الشبكة العظيمة من الأعصاب مصدرها الدماغ ، وهل الصدفة هي التي أخبرت بهذا – نبؤوني بعلم إن كنتم صادقين -

*- ومثل آخر لربان بحري كان يجول البحار ويشاهد أحوالها ومظاهرها ليلا ونهارا وما تتعرض له عن عواصف وسحب وأمواج متلاطمة ورياح عاتية وظلمات وغير ذلك مما كابده خلال سنين عمله في البحار والمحيطات، فإنه لما قرأ في سورة النور آية - 40 قوله تعالى: (أو كظلمات في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها) قال في نفسه إن أحدا لا يستطيع أن يصف هذا الوصف الدقيق لأحوال البحار وظواهرها الجوية إلا من كان بحارا شق عباب الماء وعاين تقلبات الأحوال فيه، وأن محمدا الذي نزل عليه هذا الكلام لم يكن في يوم من أيامه بحارا كما أنه لم يركب البحر في حياته وعاش في وسط الصحراء البعيدة كل البعد عن عالم البحار فمن أين له هذه المعلومات الدقيقة التى لا يعرفها سوى الملاحون ؟ إنه ولا شك كلام عليم خبير وهو الله سبحانه فآمن وأسلم بأن محمدا رسول الله حقا وصدقا.

 بمثل هذه الآيات السالفة الذكر وآثارها في العقول والنفوس كان إيمان كثير من النصارى وغيرهم من الملل الاخرى من ذوى الالباب والفطن الذين ما كانوا يعرفون معنى الاعجاز البياني أو البلاغي في لغة القرآن وإنما عرفوا منه الاعجاز العلمي الذى وجدوه في كثير من الآيات العلمية مثل قوله تعالى: (خلق الانسان من علق) (يخرج الميت من الحى ويخرج الحى من الميت) (وجعلنا الرياح لواقح) (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) وإن من شئ إلا يسبح بحمده) (والسماء ذات الحبك) (لا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم) وفى هذا ما يؤكد أن الكون هو كتاب الله الصامت، وآن القرآن هو كتاب الله الناطق بما يدل على علم الله بأسراره). فيا أخي أين الصدفة من هذا كله وهل هي التي أخبرتنا بما أوجدته هذا إن كانت هي موجودة أصلاً ، سبحان الله الواحد القهار

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) أي أن ما لم يتفق مع الآية القرآنية من النظريات العلمية فإنه سوف يظهر مستقبلا بعد طول الدرس وللبحث والتنقيب لان كلام الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم عليم

 

وتدل الدلائل على أن العلماء الذين درسوا الآيات الكونية في القرن فيما بعد وطبقوها على ما وصل إليه العلم في زمانهم في الفلك أو الطب أو الطبيعة أو الكيمياء أو الاحياء وغيرها من العلوم وجدوا تطابقا وتوافقا علميا رائعا أكد لهم أن القرآن كتاب الله الحق الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. لذلك كان علماء الفلك وعلماء الطب أكثر الناس إيمانا بعظمة الخالق المبدع وأسبقهم إقرارا بألوهيته لما رأوه رأي العين من أن القرآن الكريم الذي نزل على نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه منذ أربعة عشر قرنا من الزمان كان هو نهاية العلم الذي يصلون إليه كلما جد جديد في بحثهم، وهذا هو العلم الذي جاء به النبي الامي محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يكن هو ولا قومه ولا عصره يعرف شيئا من فلك أو جيولوجيا أو كيمياء أو طب أو غير ذلك.

وقد أدرك الناس مكانة العلم في القرآن الذى هو دستور الاسلام، من أن أول ما نزل من وحي السماء على النبي صلى الله عليه وسلم هو قوله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) ثم إنه سبحانه أقسم بأداة العلم وهى القلم في قوله تعالى: (ن والقلم وما يسطرون) فدين الاسلام وكتابه هو كنز العلوم التي حثنا القرآن في آياته مرارا على النظر إلى صنع الله في مخلوقاته والتأمل فيها والتفكير في خواصها وأسرارها والعلم بها.

*- لمحة في كوكبنا الارضي جاءت في القرآن الكريم آيات كثيرة تتحدث عن السماء والارض والنجوم والشمس والقمر، وعن ظاهرات اختلاف الليل والنهار وجريان الشمس وتكون السحب ونزول الامطار وكذلك ذكرت ما يوجد على الارض من جبال وأنهار ونبات وأشجار وحيوان وحشرات، كما وردت آيات تبين خلق الانسان وسلالاته وما يتعلق بحياته وجهاده وسعادته أو شقائه وذكرت غير ذلك كثيرا من شتى المخلوقات التي أوجدها لله في ملكه وحثنا على مشاهدتها والتدبر في روائعها.

 *- أخي صاحب الرسالة إليك بعض الآيات والتي تشير إلى أن صانع هذا الكون هو الحكيم الخبير لأنه صنع وأخبر عن صنيعه والاعجاز الذي يحتويه { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير }

 

1- قال تعالى  (ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللارض إثنيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين، فقضاهن سبع سماوات في يومين)

 

النظرة العلمية: يقول العلم إن المقصود بكلمه دخان في الآية السديم وهو السحب الكونية أو المجرات التى نشأت فيها السماء والارض، و كانت الارض مرتوقة أي متصلة بالسديم، ثم انفتقت الارض أي انفصلت عن السديم، وإليك وصفا علميا للمجرات.

المجرات جمع مجرة وهى كما يفسرها العلم سحابة ضخمة من غازات ومواد صلبة وعناصر أخرى مختلفة تتحرك بسرعة داخلها، وهى تتجاذب فيما بينها، وقد أطلق عليها علماء الفلك من العرب اسم المجرة لانها تشبه النهر الجاري ، وقوام الكون المرئي يربو حتى الآن على ألف مليون مجرة تظهر على الالواح الفوتوغرافية التي يستخدمها العلماء لتصويرها، أما الكون غير المرئي فلا يعلمه إلا الله الذي وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلى العظيم وتتباعدا المجرات بعضها عن بعض بسرعة هائلة فيتسع تبعا لذلك حجم الكون

وتتولد فيه مجرات جديدة من الغازات الكونية بنفس الطريقة التى تكونت بها المجرات القديمة وهذا ما يطلق عليه العلماء نظرية تمدد الكون مصداقا لقوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) والكرة الارضية موجودة في إحدى هذه المجرات المعروفة باسم طريق التبانة لانها تشبهه منظر التبن عندما يتبعثر على الطريق، والكرة الارضية هي إحدى أفراد المجموعة الشمسية التى سيأتي الكلام عنها فيما بعد.

 2- وقال تعالى في سورة الانبياء آية - 30: (أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما) أي أعمى الذين كفروا ولم يبصروا أن السماوات والارض كنتا في بدء خلقهما ملتصقتين بقدرتنا ثم فصلنا كلا منهما عن الاخرى.

النظرة العلمية: يتفق نص هذه الآية مع أحدث النظريات في نشأة الارض والسماء وذلك أنهما كانتا في أول أمرهما ملتصقين داخل السديم الذى يحتويهما، ثم إنهما انفصلتا نتيجة انفجارات شديدة حدثت داخل السديم وتم الانفتاق المذكور في الآية بعد أن كانتا مرتوقتين أي متصلتين بعضها ببعض وفي ذلك إشارة لما حدث في الكون من انفجارات انتشرت بسببها مادة الكون فيما حولها من فضاء وفراغ انتهت بتكوين مختلف أجرام السماء المختلفة.

 

3- وقال تعالى في سورة الواقعة آية - 75، 76: (فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه قسم لو تعلمون عظيم).

 النظرة العلمية: يقسم المولى تبارك وتعالى بمواقع النجوم لان القسم بمواقعها يوجه الانتباه إلى أن المسافات بين النجوم تبلغ حدودا لا يتصورها الخيال فمثلا نجد أن أقرب نجم إلينا في مجرتنا وهى الشمس تبعد عنا بمقدار 500 ثانية ضوئية بينما النجم الذى يليها في القرب يبعد عنا بمقدار أربع سنوات ضوئية تقريبا، والسنة الضوئية تدل على مدى المسافة التى يقطعها الضوء في سنة كاملة علما بأن سرعة الضوء تساوى 300 ألف كيلومتر في الثانية، ثم إن هناك مدلولا علميا آخر عن مواقع النجوم وهى أن موقع الشمس موقع بالغ الدقة في وضعه لكى تستقيم معه الحياة على كوكبنا الارضى، لانها لو تقدمت عن موضعها الاحالي لاحترقت الارض من شدة حرارتها ولو تأخرت عن موضعها لبردت الارض وتجمدت فيها البحار والمحيطات وتصير غير صالحة لحياة البشر عليها.

 4- وقوله تعالى في سورة الرحمن آية - 19، 20: (مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ لا يبغيان، فبأى آلاء ربكما تكذبان ؟).

 النظرة العلمية: تشير هذه الاية إلى نعمة الله على عباده وهى عدم اختلاط مياه البحار المتجاورة بل جعل بينهما قانونا ثابتا يحكم فيهما العلاقة بينهما من حيث الكثافة والملوحة وما فيهما من أحياء مائية كأن بين كل بحر وآخر حاجزا غير ظاهر للعيان لم تقمه يد الانسان ولكن أقامته يد الرحمن ومن عجائب قدرة الله تعالى أنه جعل ماء النهر لا يؤثر في ماء البحر فيغير ملوحته كما لا يؤثر ماء البحر في ماء النهر لان النهر الذى يصب في البحر يكون عادة في مستوى أعلى من مستوى سطح البحر، وتدل المشاهدة على أن مياه نهر الامزون الذى يصب في المحيط الاطلسي تندفع مسافة 200 ميل في المحيط حافظة لعذوبتها طول هذه المسافة، وفي الخليج العربي نجد عيونا من الماء العذب تفيض داخل ماء الخليج الملح بماء عذب.

 

5- وقال تعالى في سورة الطارق آية - 11: 12: والسماء ذات الرجع والارض ذات الصدع (إنه لقول فصل وما هو بالهزل).

النظرة العلمية: يتجلى إعجاز القرآن في كلماته الحقة التى تنطوي على معان دقيقة وتحمل

علما إلهيا لا علما بشريا، ففي قوله تعالى والسماء ذات الرجع أي أنها ترجع وتعيد لارض ما يصعد من بحارها ومحيطاتها من بخار الماء الذى يتجمع مكونا سحبا ثم يتكاثف ويسقط الامطار الغزيرة على الارض كما أقسم سبحانه بالارض ذات الصدع أي التى تتصدع وتتشقق ليخرج منها النبات بعد ارتوائها بماء المطر، كما أنها أيضا ذات الصدوع التى تكونت في باطنها وصارت مكامن تتفجر منها مواد الغاز الطبيعي والبترول وينابيع المياه الكبريتية وكأنها تعيد لنا ما انطوى في باطنها من النبات بعد تحوله وتحلله إلى مواد أخرى.

6- وقال تعالى في سورة النبأ آية 6: (ألم نجعل الارض مهدا والجبال أوتادا) 

 

النظرة العلمية: تمكن الانسان بوسائله العلمية المختلفة أن يثبت أن الجزء الصلب من القشرة الارضية يبلغ سمكه 60 كيلومترا، وأن بعض هذه القشرة يرتفع مكونا الجبال وينخفض بعضها ليكون قيعان البحار والمحيطات، وأن وجود الجبال على سطح الكرة الارضية موزعة بدقة وحكمة يساعد على التوازن بين المرتفعات والمنخفضات بحيث لا تميد الارض ولا تضطرب، فكأن هذه الجبال تعمل عمل الاوتاد التى تحفظ توازن الخيمة واستقرارها.

وهناك حقيقة علمية أخرى وصل إليها البحث العلمي في توزيع الجبال واليابس والماء على سطح الارض بنسب أحجامها الحالية علاوة على التوزان بحيث لا تميد الارض ولا تحيد عن موضعها، وهى أنه لو كانت الارض بحجمها الحالى مكونة من الماء بنسبة أكبر لبلغ وزنها أقل مما هي عليه الآن ولما تمكنت من حفظ نسبة بعدها عن الشمس بل لانجذبت إليها واحترقت ولو كان أكثرها مكونا من اليابس لزاد وزنها عما هي عليه الآن ولبعدت عن الشمس البعد الذي لا تتحقق معه الحياة لانها في هذه الحالة تتجمد من شدة البرودة.

  7- وقال تعالى في سورة الانبياء آية - 32: (وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون).

 

 النظرة العلمية: إن الله تعالى بعد أن أكمل تكوين الارض ودبت الحياة على سطحها وجعل حولها أجواء من طبقات أودع فيها وسائل لوقايتها من أهوال الفضاء الذى يرسل باشعاعات مهلكة وتتهاوى فيه شهب ونيازك مدمرة، وهذه الطبقات لم تعرف خواصها إلا في العصور الحديثة فأنى لمحمد النبي الامي العلم بها ؟ 

 

  فهذه الآية الكريمة تقرر أن السماوات وما فيها من أجرام حافظة لكيانها ومتماسكة فيما بينها ولا خلل يعتريها ومحفوظة من أن تقع على الارض، هي كل ما علانا وهي تبدأ بالغلاف الهوائي الذى يحمى أهل الارض من كثير من أهوال الفضاء التى لا تستقيم معها الحياة بأي حال، مثل الشهب والنيازك والاشعة الكونية وفوق الارض الغلاف الهوائي الذى تحتفظ به الارض بقوة الجاذبية ولا سبيل إلى فقده في خضم الفضاء المتناهى، وفوق الغلاف الهوائي أجرام السماء على أبعاد مختلفة وتدور دوراتها المنتظمة في أفلاكها منذ أن خلقها الله تعالى.

قانون الجاذبية توجد في الكون نظم لها قوانين لا تتبدل ولا تتغير منذ الازل ومن أول هذه القوانين قانون الجاذبية الذى يعمل على تجميع شتات الاجزاء المادية المتقاربة في أبعاد دقيقه محددة، ولولا قوة هذا القانون لسقطت الكائنات في هاوية الفضاء، ويتركز ثقل الارض في مركز تكورها أي أن الارض تجذب الاجسام التى عليها نحوه، وقد اكتشف هذا القانون نيوتن العالم الانجليزي الذى لاحظ يوما أن تفاحة سقطت من شجرتها على الارض فأخذ يفكر في سبب سقوطها إلى أن وصل إلى قانون الجاذبية الذى يثبت أن كل جسم مادى يجذب غيره من الاجسام المادية بقوة تزيد أو تنقص حسب الكتلة والمسافة بينهما، كما يدل على ذلك علم الديناميكا، وهذا هو القانون الذى يربط الاجرام السماوية ويحفظ تماسكها وانتظامها في مداراتها.

 

8- وقال تعالى في سورة الفرقان آية - 61: (تبارك الذى جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا)

 

النظرة العلمية: يرى سكان الارض نجوم السماء على هيئة مجموعات تكاد تحتفظ بصورها على مر الاجيال، والبروج هي تلك المجموعات من الاجرام التى تمر أمامها الشمس أثنا دورانها الظاهرى من حول الارض، فالبروج كأنها منازل الشمس في دورانها أثناء السنة.

وكل ثلاثة منها تؤلف فصلا من فصول السنة،  وفي قوله تعالى في وصف الشمس أنها سراج اشارة إلى أنها مصدر الطاقة الحرارية نظرا للتفاعلات الذرية في داخلها، والاشعاع الشمسي المنبعث من هذه الطاقة يسقط على الكواكب والارض والاقمار وسائر اجرام السماء غير المضيئة، أما القمر فينير بضياء الشمس المرتد على سطحه.

9- وقال تعالى في سورة يس آية - 38: (والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم).

 

 النظرة العلمية: يقرر علم الفلك بأن الشمس لها مجموعة من الكواكب والاقمار والمذنبات تتبعها دائما وتخضع لقوة جاذبيتها وتجعلها تدور من حولها في مدارات متتابعة بيضاوية الشكل، وجميع أفراد هذه المجموعة تنتقل مع الشمس خلال حركتها الذاتية، والخلاصة أن المجموعة الشمسية تجرى في الفضاء بسرعة محدودة وفي اتجاه محدود، وتبلغ هذه السرعة حوالى 700 كيلومتر في الثانية، وتتم دورتها حول المركز في مدى 200 مليون سنة ضوئية، ولم يتوصل علماء الفلك إلى معرفة هذه الحركة واتجاهها إلا في أوائل القرن العشرين فأين هذا من وقت نزول القرآن حيث لم يكن محمد النبي الامي ولا قومه يعرفون شيئا من ذلك.

10- وقال تعالى: في سورة يس آية - 39: { والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم }

 

النظرة العلمية: دلت الدراسات الفلكية على أن القمر يدور حول نفسه، وفي نفس الوقت يطوف حول الارض مرة واحدة في كل شهر، ولا يظهر لنا من القمر مدة دورته هذه سوى وجه واحد هو الوجه المواجه للارض، أما جهة الآخر فلم ولن يراه سكان الارض، وتعرف دورته هذه بالشهر القمري، وفي كل يوم من هذا الشهر يبدو لنا القمر بأوجه مختلفة، ففي أول الشهر يكون في المحاق لانمحاق نوره أي اختفائه ثم يكون بعد سبعة أيام في التربيع الاول، ثم يكون بدرا في وسط الشهر ثم يكون في التربيع الثاني بعد الاسبوع الثالث، ثم يكون في المحاق آخر الشهر

وهكذا دواليك، وبذلك يعرف الناس المواقيت.

وتعبير القرآن بالعرجون القديم الذي لا خضرة فيه ولا ماء ولا حياة هو تشبيه علمي يمثل لنا حالة القمر الواقعية بأنه لا خضرة فيه ولا ماء ولا حياة، وقد تحقق ذلك فعلا بعد أن تمكن الانسان أخيرا من النزول على سطح القمر والسير فوقه ومشاهدة معالمه المقفرة، فسبحان من بيده ملكوت كل شئ وهو على كل شئ قدير.

10- وقال الله تعالى في سورة يس آية 40: (لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون).

النظرة العلمية: يثبت العلم الحديث أنه لا يمكن أن تدرك الشمس القمر ولا يمكن أن يتلاقيا لان كلا منهما يجرى في مدار مواز للآخر فيستحيل أن يتقابلا لان الخطين المتوازين لا يتلاقيان أبدا، كما يستحيل أن يسبق الليل النهار لان ذلك يتطلب من الارض أن تدور عكس اتجاهها الطبيعي الذى هو من الغرب إلى الشرق، وهو أمر مخالف لناموس الكون والله سبحانه يقول في كتابه العزيز: (إنا كل شئ خلقناه بقدر).

11- وقال تعالى في سورة يونس آية - 5: (هو الذى جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون).

النظرة العلمية: كشفت هذه الآية الكريمة عن حقائق لم تكن معروفة للناس قبل نزولها، كشفت عن أن الشمس نجم تنبعث منه حرارة وضوء كما هو شأن سائر النجوم التى هي أجرام ملتهبة ومضيئة في آن واحد، وأن القمر كوكب أي جسم بارد مظلم يستمد ضوءه وحرارته من الشمس، وأن القمر يتحرك في مداره مرة في كل شهر بتوقيت دقيق يعرف منه عدد الايام وحسابها في الشهور والاعوام فلولا هذه الحركة المنتظمة ما عرف الانسان وقته ولا كيف يحسب الشهور والاعوام.

فهل كل هذا النظام الدقيق والتدابير المحكمة يحدث عبثا واعتباطا وبلا غاية ؟ كلا ! إنه تقدير العزيز الحكيم الذى أراده رحمة بمخلوقاته وكائناته التى جعل الارض مستقرا لها ومجالا لنشاطها.

12- وقال الله تعالى في سورة يونس آية - 6 (إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والارض لآيات لقوم يتقون).

النظرة العلمية: يقرر العلم الحديث أن طول كل من الليل والنهار يختلف باستمرار على مدار السنة، وأن هذا الاختلاف في التوقيت يرجع إلى دوران الارض حول الشمس وحول محورها المائل على مداره بمقدار 2 / 1 و 23 مما يجعل الليل يطول أو يقصر بحسب تعامد الشمس على المكان أو ميلها عنه، وهذه حقائق كونية تكون في حكم البدهيات لمن يدرس مبادئ الجغرافيا.

12- وقال تعالى في سورة الرعد آية 41: (أو لم يروا أنا نأتى الارض ننقصها من أطرافها ؟ والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب).

النظرة العلمية: تحتمل هذه في تفسيرها علميا أنها تطابق ما وصل إليه علماء الفلك من أن الكرة الارضية تفلطحت عند القطبين وانبعجت عند خط الاستواء بسبب سرعة دورانها حول نفسها التى تبلغ سرعتها نحو ألف ميل في الساعة وأن جزئيات من الغازات والعناصر المحيطة بوسط الكرة الارضية تنطلق بقوة الطرد المركزية إلى الخارج حول خط الاستواء مما يساعد على الانبعاج أي زيادة في شكلها عند خط الاستواء ونقص في طرفي القطبين.

13- وقال تعالى في سورة النمل آية - 88: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب صنع الله الذى أتقن كل شئ إنه خبير بما تفعلون)

 

النظرة العلمية : يقرر العلم الحديث أن الكرة الارضية منذ نشأتها تدور حول نفسها باستمرار أمام الشمس مرة في كل يوم، وأنها تدور مرة كل سنة حول الشمس، شأنها في ذلك شأن جميع الاجرام السماوية التى تسبح في أفلاكها بانتظام، وعلى ذلك فكل ما على الارض من جبال وبحار وغلاف جوى كلها تشترك مع الارض في دورتها اليومية حول محورها ودورتها السنوية حول الشمس مع ملاحظة أن كلمة تحسب

الواردة في الآية بمعنى تظن لا تتفق مطلقا مع ثبوت كل شئ يوم القيامة الذى

 

 لا شئ فيه سوى اليقين الذى لا شك فيه، ولا ظنون بأى حال من الاحوال، والذى لا شك فيه أن الارض متحركة حول نفسها وحول الشمس في وقت واحد وليست ثابتة لانها لو كانت ثابتة لما حدث الليل والنهار ولما حدثت الفصول الاربعة.

 14- وقال تعالى في سورة الفرقان آية - 45، 46: (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا).

 النظرة العلمية : في هذه الآية دليل قوى على دوران الارض حول نفسها، وأن هذا الدوران ضروري للكائنات الحية فوق الارض لانها لو كانت غير متحركة لسكن الظل ولم يتغير طولا أو قصرا، ولظلت أشعة الشمس مسلطة على نصف الكرة الارضية باستمرار، بينما يظل النصف الآخر ليلا دائما وهذا ما يسبب اختلافا كبيرا في التوازن الحرارى على الارض ويؤدى ذلك إلى هلاك البشر من شدة الحرارة أو من شدة البرودة، والله سبحانه قد جعل نسخ الظل بالشمس تدريجيا وبمقدار، ولم يجعله دفعة واحدة وفي ذلك منافع للناس تحفظ عليهم نظام حياتهم ونشاطهم.

 

15- وقال الله تعالى في سورة الزمر آية - 5: (خلق السماوات والارض بالحق، يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى لاجل مسمى ألا هو العزيز الغفار).

 النظرة العلمية :  تدل الآية على شيئين هما كروية الارض ودورانها حول نفسها لان معنى التكوير هو لف الشئ على الشئ على سبيل التتابع أي الدوران كما تدل على أن كلا من الشمس والقمر يجرى أي يتحرك في مداره وأن لكل حركة زمنا محددا فالقمر له حركته الشهرية وللشمس حركتها حول نفسها ثم حركتها في مسارها وقد ثبت ذلك بالمشاهدة وبالوسائل والاجهزة الفلكية ويرى العلماء أن للشمس نهاية عندما تستنفد وقودها الذرى ولا يكون ذلك إلا عند فناء الكون حسب تقدير الله وتدبيره لانه سبحانه قدر كل شئ تقديرا.

16- وقال تعالى في سورة النازعات آية 30: (والارض بعد ذلك دحاها)

 

  النظرة العلمية:

توضح المعاجم اللغوية أن كلمة دحاها تؤدى معنى أنه جعلها كالدحية أي كالبيضة لان الادحوة معناها بيضة النعام أو مكان بيض النعام ويكون عادة مستدير الشكل، ولا شك أن هذا يطابق شكل الارض الحقيقي الذى تدل عليه البراهين النظرية والعملية، كما تؤكده الصور التى سجلتها آلات التصوير أثناء رحلات الاقمار الصناعية في الفضاء، ولفظ دحا يدل على شيئين هما البسط مع الاتساع والتكوير في التكوين، وهذه روعة في التعبير عن أن الارض التى نراها أمامنا في الظاهر مبسوطة فسيحة الارجاء هي في واقع الامر مستديرة كالبيضة، وهذا تقدير العزيز الحكيم الذى أتقن كل شئ خلقه.

والانسان في سيره على سطح الارض لا يزيد في حجمه عن نملة ضئيلة جدا تتحرك فوق منطاد ضخم جدا ولا ترى حولها غير استواء طريقها عليه ولا ترى أي انحناء أو استدارة أينما كانت فوقه.

17- وقال الله تعالى في سورة البقرة آية - 22: (الذى جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون).

 *-  النظرة العلمية: يرى العلم الحديث أن موضع الاعجاز في هذه الآية قوله تعالى والسماء بناها، فقد أثبت العلم بما لا يقبل الشك أن السماء في معناها الواقعي والطبيعي هي كل ما يحيط بالارض من جميع أقطارها ابتداء من الغلاف الجوى الذى يرتفع بنحو ثلاثمائة كيلومتر فوق سطح الارض وكأنه بحر من الهواء حول الكرة الارضية ثم إنه بعد هذا الغلاف الجوى يوجد فراغ كونى تسبح فيه ملايين الاجرام السماوية في أعماقه السحيقة وهى تتجاذب فيما بينها وتتحرك في تماسك واتزان في طبقة بعد طبقة وكأنها البناء المحكم، أو كأنها السقف المبنى فوق الارض، فتبارك الله أحسن الخالقين.

18-  وقال تعالى في سورة الانبياء آية 30: (وجعلنا من الماء كل شئ حى أفلا يؤمنون) 

 

النظرة العلمية: يقرر العلم الحديث في تفسير هذه الآية الكريمة أن الماء يدخل في بناء أي جسم حي إذ هو في الحقيقة قوام حياته، فالماء في نظر العلم هو المكون الاصلي في تركيب مادة الخلية، والحلية هي وحدة البناء في كل شيء حي نباتا كان أو حيوانا، كما أن علم الكيمياء في أبحاثه الحديثة قد أثبت أن الماء عنصر لازم وفعال في كل ما يحدث من التحولات والتفاعلات التي تتم داخل الاجسام فهو إما وسط أو عامل مساعد أو داخل في هذا التفاعل أو ناتج عنه، وتقول الآيات الكريمة في قصة خلق آدم أبى البشر عليه السلام أنه خلق من طين، والطين هو خليط من الماء والتراب أي أن الماء عنصر أساسي في تكوين أي شيء حي.

19- وقال تعالى في سورة طه - آية 50: (قال ربنا الذى أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) 

 

النظرة العلمية: يرى العلم بنور الايمان أن قدرة الله تعالى وحكمته ورحمته قد أودعت في كل شيء خلقه صفاته الخاصة التي تؤهله لاداء وظيفته التى خلق لها ومن أجلها بصورة مدهشة تجعل الانسان يقر بعظمة الله جل جلاله ووحدانيته، فكل مخلوق لم يخلق عبثا وإنما خلق ليؤدي الدور الذى أهلته له مقوماته وقدراته واستعداداته.

الكائنات الحية والخلايا توصل العلم عن طريق الدراسات المجهرية وهى التى تستعمل فيها المجاهر أي مكبرات الصور إلى درجة كبيرة من التقدم فقد توصل إلى اكتشاف أن الحيوانات والنباتات لا تتركب أجسامها من كتلة واحدة تندمج أجزاء مادتها بعضها في بعض، وإنما تتركب من عدد ضخم من الوحدات الصغيرة التى تعرف بالخلايا (جمع خلية).

ولا توجد الخلايا منفردة ومتباعدة وإنما تتجمع في كتل وتتراص على هيئة صفائح دقيقة، ويطلق على هذه التجمعات اسم الانسجة، وهذه الانسجة تتجمع بدورها لتكون الاعضاء.

ويتم التكاثر التزاوجى بأن ينتج الحيوان خلايا اصطلح على تسميتها بالخلايا الشقيقة، وهى إما خلايا مؤنثة (أي بويضات) وإما خلايا مذكرة (أي حيوانات منوية) والبويضة عادة كبيرة الحجم عديمة الحركة وهى مزودة بكميات من المواد الغذائية، أما الحيوانات المنوية فهى صغيرة جدا ورفيعة، وهى مزودة بأعضاء للحركة تساعدها على بلوغ البويضة، فإذا ما أخصبت البويضة بحيوان منوى فإنها تندمج معه وتتحد به وتدخل في مرحلة تعرف بمرحلة التكوين، وبعد ذلك تنقسم خلايا البويضة إلى عدد كبير من الخلايا، وتأخذ هذه الخلايا بعد ذلك في التمايز والتخصص لان لكل نوع منها وظائف معينة.

 

ويتركب جسم الكائن الحي إما من خلية واحدة ويسمى وحيد الخلية أو يتركب من عدد كبير من الخلايا ويسمى عديد الخلايا، وهناك خلايا نباتية للنبات وأخرى حيوانية للحيوان، وقد ساعدت المجاهر على تكبير الخلية إلى درجة عظيمة وأمكن بذلك دراسة مقومات الخلية وتركيبها لان العين المجردة ما كانت لتستطيع الكشف عنها لشدة صغرها.

وتتركب الخلية الحيوانية من: 

 

1-  جدار وهو غشاء رقيق شفاف يحيط بالخلية.

2 البروتوبلازم وهو المادة الحية في الخلية ويتكون من مادة هلامية شفافة قوامها مادة بروتينية معقدة التركيب ومختلطة بمادة دهنية، وتحتوي الخلية على نسبة كبيرة من الماء وبعض العناصر الاخرى من الكربون والاكسجين والاروت والكبريت والفسفور، وللبروتوبلازم القدرة على هضم الغذاء وتمثيله وأكسدته وإخراج الفضلات، كما أن له القدرة على النمو والحركة والتكاثر. فتبارك الله أحسن الخالقين .

20- وقال تعالى في سورة الانعام آية - 125: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون).

 النظرة العلمية: يرى العلم الحديث في هذه الآية حقيقة علمية تؤكد وجود الضغط الجوى الذي اكتشفه أحد العلماء الطليان المسمى تورشيلي في منتصف القرن السابع عشر، فقد قاس هذا الضغط وقدره بما يساوى وزن 76 س. م مكعب من الزئبق، وقد اجتهد بعد ذلك علماء الطبيعة في دراسة الغلاف الجوى وغازاته وإرتفاعه ومقدار وزنه وتخلخله، وأن الانسان على سطح الارض يتحمل قدرا معينا من هذا الضغط على جسمه، فإذا ارتفع الانسان بالصعود على جبل أو ركوب الطائرة فإن هذا القدر من الضغط يقل تدريجا بحسب مقدار الارتفاع ويؤثر ذلك في تنفسه ويشعر بضعف حتى إذا وصل إلى إرتفاع 12000 قدم فوق سطح البحر يحس بصعوبة شديدة في التنفس وضيق في الصدر يجعل مجرد الكلام متعذرا عليه، فهل بعد ذلك برهان على أن هذا القرآن كلام الله الذى يعلم السر وأخفى ؟ وليتأمل ذوو الالباب في هذا الاعجاز العلمي الباهر ما عرفه أحد قبل نزول القرآن فسبحان

من هذا كلامه.

21- قال تعالى في سورة نوح آية - 17، 18: (والله أنبتكم من الارض نباتا، ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا)

 

 النظرة العلمية: يقرر العلم أن الانسان هو ابن هذه الارض ومصداق ذلك قوله تعالى: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) وأكثر من ذلك يحدثنا القرآن في صراحة أن الانسان نبتة من نبات الارض، وقد أكد القرآن الكريم حقيقة معدن آدم وهو الطين في أشكاله التى ذكرها القرآن في قوله أنه من طين، أو من حمأ مسنون، أو من طين لازب أو من سلالة من طين، أو من صلصال كالفخار.

وأن الانسان الاول وهو آدم عليه السلام بعد خلقه من الطين وصار جسما حيا من لحم وعظم ودم وأعصاب ثم صار تكوينه بعد ذلك عن طريق آخر هو من نطفة من منى يمنى.

 22- وقال تعالى في سورة الجاثية آية - 3 - 5: (إن في السموات والارض لآيات للمؤمنين، وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون، واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الارض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون).

 النظرة العلمية: توجه هذه الآيات نظر الانسان إلى عدة آيات بينات من قدرة الله وإبداعه في كل ما صنع من آيات ملكه، ومن ذلك إنها تلفت النظر إلى قوله تعالى: (وتصريف الرياح) فهذه العبارة الموجزة في كلماتها وراءها حقائق علمية رائعة،

فهذه الرياح التى هي الهواء المتحرك فوق غلاف الارض الجوى إنما تتحرك بتأثير حرارة الشمس التى تجعله يخف ويرتفع ويحل محله هواء بارد ثقيل يندفع نحو منطقة الضغظ المنخفض بنظام دقيق فيه تصريف للرياح وتوجيه لها في هبوبها من مكان إلى مكان معين، وينشأ عن حركة الرياح نتائج لها أهميتها في حياة الناس فهى تسوق السحاب المطرة إلى الارض المجدبة، وتساعد السفن الشراعية في سيرها، وتحمل اللقاح إلى النباتات النامية وتوزع الحرارة والبرودة في دورات منتظمة على الارض وغير ذلك من حكمة الله في تصريف الرياح فقد قال تعالى في سورة الاعراف آية - 57 (وهو الذى يرسل الرياح بشرى بين يدى رحمته، حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء، فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون)، وقد أثبت العلم الدورة الهوائية على سطح الكرة الارضية وكيف يكون تصريفها من جهة إلى أخرى.

الماء ورد ذكر الماء في القرآن 63 مرة، وهو سائل شفاف لا لون له ولا طعم ولا رائحة، ويتكون أساسا من اتحاد غازى الاكسيجين والايدروجين مع غيرهما.

والماء أكثر المواد مقدارا وحجما بالكرة الارضية وهو يكون الغلاف

 

 المائي على سطحها، ولو أن الارض كانت كرة ملساء لا تعاريج ولا تضاريس في سطحها لغطاها ذلك الماء بغلاف سمكه نحو ميليين، أما وسطح الارض بين منخفض ومرتفع فقد تجمع الماء منذ النشأة الاولى في مناطق هبوط القشرة الارضية مكونا المحيطات والبحار التى تشغل أكثر من ثلثى مساحة الكرة ومياهها ملحة وهذه الملوحة ضرورية لحفظها من التغير والعطن، أما مياه الانهار فعذبة لانها تنزل من السحب التى تبخرت من المحيطات ثم تكاثفت وسقطت

أمطارا غزيرة خالية من أي شائبة.

والماء عماد الحياة في الارض لكل كائن حى من نبات وإنسان وحيوان وقد أشار القرآن الكريم في كثير من آياته عن عظم أهميته في إحيائها فيقول تعالى: (والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الارض بعد موتها) سورة النحل آية - 65.

(وجعلنا من الماء كل شئ حى) سورة الانبياء آية - 30: (والله خلق كل دابة من ماء) سورة النور آية - 45.

(وهو الذى خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) سورة الفرقان آية - 54.

(وأنزلنا من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى) سورة طه آية - 53.

ويحتوى جسم الانسان على حوالى 70...من وزنه ماء لان له أهمية خاصة في الجسم كموصل لعناصر الغذاء إلى خلايا الجسم وإفراز للمواد الضارة في الجسم وتلطيف لدرجة حرارة الجسم عن طريق تبخره في الرئتين والجلد، ومصادر المياه في الجسم هو ما نشربه منه، وما تحتوى الاطعمة عليه من نسب مختلفة من الماء ومما ينتج عن أكسدة بعض المواد الغذائية وتفاعل بعضها مع بعض داخل الجسم.

والماء يعمل على إذابة المواد الغذائية بعد هضمها حتى يتمكن الجسم من امتصاصها، والماء أساس تكوين الدم والسائل اللمفاوى والسائل النخاعى وغيرها من السوائل التى تتكون منه في الجسم من إفرازات كالعرق والبول والدموع والمخاط، ويثبت العلم أن الماء أكثر ضرورة للانسان من الغذاء فيما الانسان يمكنه أن يعيش نحو 60 يوما بدون أكل لا يمكنه أن يعيش بدون الماء أكثر من أسبوع على أقصى تقدير ولو فقد الجسم 20...من مائه فإنه يكون معرضا للموت.

23- قال الله تعالى في سورة ص آية - 71، 72: (وإذا قال ربك للملائكة إنى خالق بشرا من طين، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين).

 النظرة العلمية: تصرح الآية بأن الاصل الذى خلق الله منه آدم أبا البشر هو الطين الذى هو مزيج من الماء والتراب، ويقرر العلم الحديث أن الحياة ظهرت على هذه الارض أول ما ظهرت على شواطئ المسطحات المائية حيث يتكون بجوارها الطين الذى ينشأ، منه الزبد والحمأ المسنون والطحالب فالنبات فالحيوان فالانسان،   ففى قوله تعالى: (والله خلق كل دابة من ماء (سورة النور آية 45): وقوله سبحانه: (وجعلنا من الماء كل شيء حي) سورة الانبياء آية 30: دلالة قوية على أن الاحياء كلها - ومنها الانسان - مخلوقة من مادة واحدة هي الماء، وللماء هو المادة اللازمة بل الاصيلة لتكوين الطين، إذ لا وجود للطين إلا مع الماء وبالماء.

 24-  وقال تعالى في سوره الاعراف آية 172: (وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ؟ قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين).

 النظرة العلمية: في هذه الآية ما يشير إلى أن الذرية أصلها من الاصلاب، وقد عبر عنها القرآن بكلمة ظهورهم للدلالة على معنى علمي يقصد به التعريف بالجهاز التناسلي الذى هو أحد أجهزة جسم الانسان وبيان موقعه ووظيفته وهو أسفل الكليتين وينتهى بالخصيتين، وفى هذا دليل على أن الله القادر هو الذى أخرج من أصلاب بنى آدم ونسلهم وما يتوالدون قرنا بعد قرن ذرية تعرف الربوبية والتوحيد بطريق الدلائل الملموسة المحسوسة والبصائر المستنيرة.

25- قال تعالى في سورة المؤمنون آية - 12 - 14: {ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة، فخلقنا العلقة مضغة، فخلقنا المضغة عظاما، فكسونا العظام لحما، ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين }.

 النظرة العلمية: أشارت الآية الكريمة إلى أول طور من أطوار خلق الانسان هو طور خلق آدم أبى البشر من طين، والطين كما هو معلوم خليط من ماء وتراب، والتراب يتكون أصلا من عدة عناصر مختلفة والعناصر في الطبيعة يبلغ عددها نحو تسعين عنصرا، والطينة التى خلق منها آدم كانت خلاصة مستخرجه من هذه العناصر، وأشارت الآية بعد ذلك إلى العلقة والنطفة والمضغة وما تلا ذلك من تطورات في تكوين الجنين وقد أثبتت هذه التطورات التى ذكرها القرآن الصور الفوتوغرافية التى سجلتها آلات التصوير الدقيقة لها وهى تطابق ما جاء في القرآن عن تسلسلها حالة بعد حالة وشكلا بعد شكل في بطن الام، فهل كان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم على علم بكل هذه الحقائق الخفية عن العيون والتى لم يتوصل الانسان إلى معرفتها وكشف خفاياها إلا بعد مئات السنين، أليس هذا هو كلام الله الحق الذى أعجز الناس ببلاغته ثم بأصالته في المعرفة الدقيقة التى تحيط بكل شئ علما ؟   26- وقال تعالى في سورة الزمر آية - 6: (خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الانعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث).

 النظرة العلمية: دلت الابحاث في علم الاجنة أنه وقت تكوين الجنين في أرحام الامهات تنشأ البويضة في أحد مبيضي المرأة حتى إذا اكتمل نضجها انطلقت منه فيتلقفها أحد بوقى فالوب وهو اسم العالم الذى اكتشف هذين البوقين ثم تمضى إلى الرحم وتبدأ مراحل التطور، وفى الرحم يمضى الجنين بقية مدة الحمل حتى يكون لنفسه  الاغلفة الثلاث التى تحيط به، ويقرر العلم في تفسير الظلمات الثلاث أنها المبيض وقناة فالوب والرحم لانها تقع في مواضع متفرقة، أما تفسيرها بأنها البطن والرحم والمشيمة فهى تعتبر ظلمة واحدة لانها في مكان واحد، وهكذا نرى القرآن قد أومأ إلى هذه الحقائق في وقت لم يكن العلم قد عرفها، فهل لهؤلاء المكذبين للقرآن ورسالة سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم أن يراجعوا أنفسهم ويؤمنوا بالله الواحد الاحد منزل القرآن معجزة من لدنه ليكون للعالمين بشيرا ونذيرا.

 27 - وقال تعالى في سورة الانبياء آية - 4: (قال ربى يعلم القول في السماء والارض وهو السميع العليم) 

النظرة العلمية: يرى العلم أن الآية تشير في صراحة واضحة وبساطة لفظية جلية إلى أن في السماوات والارض أقوالا تقال أي أن بها مخلوقات تتكلم بأى صورة من صور التفاهم لفظا أو رمزا أو إشارة بين سائر الكائنات الحية ما يعقل منها وما لا يعقل كالحشرات، وهذا يقودنا إلى قوله تعالى في سورة النمل: (قالت نملة يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده) ويدل ذلك على أن النمل يعيش في جماعات أي أن له مجتمعا له خصائصه من اليقظة والحذر وطرق التفاهم فيما بينها لكى تنظم أعمالها الباهرة في حياتها القائمة بالالهام الآلهى على منتهى النظام والاحكام، ويتم لها ذلك بطريق من طرق التفاهم بإشارات وحركات وأصوات خاصة لها دلالاتها فيما بينها كما للكلام دلالاته بين بنى الانسان.

 

28- وقال تعالى في سورة الحج آية - 5: (يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطقة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الارحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا).

 النظرة العلمية: تناول علم الاجنة أطوار خلق الجنين ويقرر في ذلك الشأن أن العلق ليس بدم جامد وإنما هو مجموعة من الخلايا نشأت بطريقة الانقسام عن البويضة الملقحة التى تمثل الخلية الانسانية الاولى، وهى لا تحتوى على خلايا دموية على الاطلاق بل إن هذه الخلايا الدموية لا تتكون طلائعها إلا حول اليوم الثامن عشر من حياة الجنين، ثم يأتي بعد ذلك دور المضغة التى تأخذ في التخلق والتشكل ويستمر هذا التطور حتى اليوم الستين من عمر الجنين حيث تظهر الملامح الانسانية مخلقة في جسم الجنين، وقد يحدث شذوذ في نمو الجنين كأن يغوص كيانه في غير المكان الطبيعي من جدار الرحم فلا يتخلق ويموت وهذه هي حالة السقط، ورغم ما وصل إليه العلم في عصرنا من تقدم مذهل في البحث لا يزال تخلق الاجنة أمرا محيرا للعلماء لا يستطيعون تفسيره أو تعليله ولا يدرون كيف تميزت الخلية الانسانية وتحولت إلى الاعصاب والعظام والعضلات وأجهزة السمع والبصر وغيرها، إن هذا هو سر الله الكامن في قدرته وإبداعه لانه على كل شى قدير، ولا يحيط أحد بشئ من علمه، سبحانه لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير.

علم الاجنة ظهر من دراسات الاجنة لكثير من الانسان والحيوان أن الجنين أثناء نموه يعيد تاريخه التطورى الذى يقول إن كل حيوان أثناء المراحل المتعاقبة لنموه إنما يعرج في سلم التطور الذى سلكه أجداده من قبل أثناء الازمنة الجيولوجية السحيقة.

ولنأخذ جنين الانسان مثلا لنلاحظ التغيرات التى يمر بها حتى يولد طفلا مكتمل النمو، فهو أول أطواره يكون خلية مفردة تنتج من تزاوج خلية الذكر بخلية الانثى، ثم هو ينقسم وينقسم - شأن الحيوانات الدنيا - ويتزايد في الحجم حتى يصير شيئا يشبه العلقة بداخلها تجويف لقناة الطعام، ثم يأخذ في التصلب فوق هذه القناة هيكل غضروفي ممتد، وفى هذه الفترة يتكون للجنين أربعة أزواج من الفتحات خلف منطقة الاذن تذكرنا بخياشيم التنفس في الاسماك، ويصير الجنين كله أشبه بالسمكة في تلك الفترة، ثم هو ينمو ويتصلب عموده الفقرى، ويقوى شيئا فشيئا، وفى الاسبوع السابع عندما تستبين الاطراف نجد له ذيلا مكونا من خمس أو ست فقرات يجاوز طول الساقين، ثم يبدأ هذا الذيل

 

في القصر والانكماش شيئا فشيئا حتى يصير عند الولادة عصعصة تختفى تحت الجلد في مكان العجز، وفى الاشهر الاخيرة يكون جسم الجنين كله مكسوا بالشعر الذى يبدأ في الزوال قبل الولادة، وهذه هي المراحل التى يمر بها جنين الانسان وهو في ظلام الرحم من أمه يعيد فيها باختصار كل الخطوات التطورية الكبرى التى مر بها أجداده وأسلافه خلال ليل التاريخ الجيولوجي الطويل، ومن أنصع الادلة على هذه التطورات ما ورد في علوم الحفريات من تتبع أطوار النمو في الحيوانات من طبقة إلى طبقة في الصخور، وقد أثبتت الصور الفوتوغرافية الدقيقة التى أخذت للجنين هذه الحالات في بطن أمه يوما بعد يوم بشكل ظاهر للعيان.

29- قال الله تعالى في سورة النحل آية - 78: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون).

 النظرة العلمية: يؤكد لنا العلم بدلائله الكثيرة أن حاسة السمع تسبق حاسة البصر في أداء وظيفتها، ولم يكن أحد يعلم ذلك وقت نزول القرآن، وقد ورد تقديم السمع على البصر في أكثر من سبعة عشر موضعا منها قوله تعالى:  (وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة) (الاحقاف آية 26) (حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم) (فصلت آية 20) (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) (الاسراء 36) ويقرر العلم أن حاسة السمع تبدأ مبكرة في أداء عملها في الاسابيع القليلة الاولى بعد ولادة الطفل، أما البصر فيبدأ عمله في الشهر الثالث ولا يتم تركيز الابصار إلا بعد الشهر السادس، ودليل ذلك أن أذن الطفل تؤدى وظيفتها عقب ولادته لانه إذا سمع صوتا شعر به وأحسه فورا وصدر عنه ما يدل على التأثر به، أما عين الطفل فإنها لا تؤدى وظيفتها إلا بعد فترة من ولادته، ودليل ذلك أنك إذا مددت يدك قريبا منها لا ترمش ولا تتحرك.

ومن روعة الاعجاز العلمي في هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه يذكر الفؤاد بعد السمع والبصر لمعنى علمي دقيق أيضا وهو أن اكتساب العلم يحصل بعد الانتقال من مرحلة الادراك الحسي بالسمع والبصر إلى مرحلة الادراك العقلي، وهذه هي طريقة تعلم المعارف والخبرات وكلها تجيئ بحسب الترتيب الذي ذكره القرآن وهو الادراك الحسي أولا ثم الادراك العقلي، ودليل ذلك وأضح في أن الطفل يولد لا يعلم شيئا ثم تتوالى عليه المدركات الحسية وتتكاثر عن طريق السمع ثم البصر فإذا ما صارت مجموعة المدركات الحسية كافية يأتي دور الفؤاد ليعقل ويعي ما أدركه الطفل منها بحواسه.

وهناك حقيقة أخرى في تقديم السمع على البصر وهو أن القرآن يذكر السمع مفردا ويذكر الابصار بصيغة الجمع وفى ذلك سر من أسرار الاعجاز أيضا لان استقبال الاذن للمسموع لا خيار للانسان فيه حيث لا حجاب يحجب وصول الصوت إلى طبلة الاذن، أما العين فللانسان الخيار في أن يرى أو لا يرى ولها جفون تساعد على ذلك.

30- وقال تعالى في سورة القيامة آية - 3، 4: (أيحسب الانسان ألن نجمع عظامه، بلى قادرين على أن نسوي بنانه).

 النظرة العلمية: تدل عبارة تسوية البنان على معنى لم يكشف العلم سره إلا بعد نزول الآية بأكثر من ألف سنة حينما عرف أن لكل بنان بصمة خاصة به، تختلف فيها اتجاهات خطوطها اختلافا واضحا بين فرد وآخر، وبين جميع البشر وقد استخدم الانسان هذه الاختلافات في تحقيق الشخصية عن طريق البصمات وقد أفادت هذه الحقيقة في التعرف على الاشخاص عن طريق بصماتهم في حالة وقوع جرائم يترك الجناة فيها بصماتهم على أي شئ تناولوه.

31 - وقال تعالى في سورة المائدة آية - 6: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، وأمسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين، وإن كنتم جنبا فاطهروا، وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج، ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون).

 

  النظرة العلمية: يقرر العلم الحديث أن هذه الآية الكريمة تظهر لنا علاقتها بالطب ولاسيما الطب الوقائي للانسان من الامراض الجلدية التى يتعرض لها الانسان إذا لم ينظف أعضاء جسمه وبخاصة المعرضة للعوامل الجوية وما فيها من أتربة وجراثيم وغازات ضارة، ولا شك أن الوجه والايدى والارجل هي أكثر أجزاء الجسم تعرضا للتلوث والتأثر بهذه الميكروبات وهى تعد بملايين الملايين في كل سنتيمتر مكعب من الهواء، وأن الوضوء خمس مرات في اليوم لا يترك مطلقا أي درن على الجسم يخشى منه الضرر وهكذا نرى آيات الله سبقت الحكمة القائلة بأن الوقاية خير

من العلاج.

32- وقال تعالى في سورة البقرة آية - 222: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } النظرة العلمية: لا يقتصر الاعجاز في هذه الآية على أسلوبها الرفيع ونظمها البديع الذى يجد فيه رجل البلاغة والبيان روعة اللفظ والاداء ودقة التعبير عن الامور الجنسية بل إن إعجازها يتجلى فيما حوت من جلال المعاني الطبية وأغراضها النبيلة، وإليك ما يقرره علم الطب في شأن المرأة الحائضة وضرورة اعتزالها في مدته، وذلك لان دورة الحيض رغم كونها حالة طبيعية إلا أنها تسبب للمرأة آلاما في بدنها وانحرافا في مزاجها يصرفها عن الرغبة في الاتصال الجنسى، وتعاني منه حدة في طبعها، وقد تشعر بمغص شديد تصحبه أحيانا أعراض اضطرابات نفسية، كما أن الجهاز التناسلي للمرأة أيام الحيض يكون معرضا لكثير من العلل لان المهبل في أوقات الحيض يكون ميدانا مفتوحا لغزو أسراب مختلفة من الجراثيم، وإن الوطئ في هذه الفترة يؤدى إلى التهابات بالمبيض قد يسبب العقم أحيانا، كما أنها قد تصيب الرجل بالعدوى فتحدث عنده التهابات في أعضائه التناسلية، ولا شك أن الجماع في المحيض ينذر الرجل بخطر داهم هو في غنى عنه لو خالف هوى نفسه وأطاع أمر ربه، وهذا هو ما وجهه القرآن للناس لاتباعه والتزامه حرصا على صحتهم وسلامتهم، وما كان أحد يعلم ذلك ولكن كان علمه عند خالق كل شئ وأنزله في قرآنه لحماية عباده من أضرار وأمراض محققة، لان ربنا رؤوف رحيم بعباده.

33- قال تعالى في سورة محمد آية - 4: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) 

 

النظرة العلمية: تبين الآية الكريمة أن أسرع وسيلة للاجهاز على المراد قتله من الاعداء بغير تعذيب له ولا تمثيل به هو ضرب الرقاب لقطعها، إذ ثبت أن الرقبة هي حلقة الاتصال بين الرأس وسائر الجسد، فإذا قطع ما في الرقبة من الجهاز العصبي شلت وظائف الجسم الرئيسية، كما أن قطعها فيه قطع للشرايين والاوردة وبذلك يمتنع وصول الدم إلى المخ، كما تنقطع الممرات الهوائية ويتوقف التنفس وهذا يؤدى إلى إنهاء حياة المضروب سريعا، فسبحان من أحاط علمه بكل ما في جسم الانسان من أعضاء وأعصاب فيها الاسباب المؤدية إلى حياته أو موته، وقد نزلت الآية في وقت كانت السيوف فيه هي أكثر الاسلحة استعمالا وما تزال.

 

 34*- وقال تعالى في سورة فصلت آية - 39: ومن آياته أنك ترى الارض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذى أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شئ قدير.

 

  النطرة العلمية: يؤكد القرآن الكريم في كثير من آياته التى نزلت في بيان أهمية الماء بل ضرورته للحياة والاحياء في قوله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي) (والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدا ميتا) (وانزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد) وتدل أبحاث علم النبات على أن عناصر التربة ومركباتها المختلفة الميتة عندما ينزل عليها ماء المطر تذوب فيه وتتحلل فيسهل وصوله إلى بذور النبات وجذوره حيث تتحول إلى خلايا وأنسجة حية، ولذلك تبدو حية ويزيد حجمها بما يتخللها وما يعلوها من نبات، وقد سبقت الاشارة إلى الماء وأهميته.

 35 - وقال الله تعالى في سورة الاسراء آية - 32: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا)  النظرة العلمية: لقد أثبت علم الطب أن الزنى فيه أضرار صحية خطيرة تهدد البشرية بالامراض الخبيثة التى يصعب علاجها، فهو السبب المباشر في الزهري وهو مرض يعدى بمجرد اللمس ويؤثر تأثيرا سيئا في الجهار العصبي، وكذلك بسبب مرض السيلان الذى هو من المعضلات المرضية الخطيرة التى حار في علاجها الطب وهو يترك المصاب به في حالة من الالم والمرض يعطلان حركته وبشلان تفكيره ويجعلانه عضو أشل لا فائدة فيه، كما أنه سبب تشويه النسل، وقد ثبت أن كل امرأة اتصلت برجل مصاب بهذه الامراض الخبيثة لابد أن تصاب هي الاخرى بها وإننا نحمد الله تعالى ونشكره على تفضله تعالى بالارشاد إلى كل ما فيه صحة عباده وسلامتهم، فهو سبحانه أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين يريد بهم الخير دائما.

 

 36-  قال تعالى في سورة ق آية - 3، 4: (أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد، قد علمنا ما تنقص الارض منهم وعندنا كتاب حفيظ) 

 

 النظرة العلمية:

تحمل هذه الآية في طياتها معنى القانون العلمي الذي يقول بأن المادة لا تفنى، ودليل ذلك أن الشمعة التي احترقت لم تفن مادتها بل إنها تحولت أثناء احتراقها إلى مواد غازية وأخرى سائلة لو جمعها الانسان ووزنها لم يجد بها نقصا عن وزنها السابق قبل احتراقها، وحقيقة عدم فناء المادة قانون الله وسنته في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا، وقد تكونت الخلائق في أول أمرها من التراب، وبعد ذلك تناسلوا وتغذوا بما تخرجه الارض من نبات وبما يتغذى من الارض من حيوان، ثم إنهم بعد ذلك يقبرون ثم يبعثون ولا ينقصون، أي أن الناس نشئوا نشأتهم الاولى من الارض ثم إنهم إلى الارض يعودون، ويؤيد ذلك قوله تعالى: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم، ومنها نخرجكم تارة أخرى) ومعنى ذلك أن جثة الميت التى تحللت وصارات سائلا تسرب في التراب وغارات انتشرت لم تتبدد، وإنما ترجع إلى أصلها كما كانت دون نقص، وسبحان الله الذى عنده كتاب حفيظ لكل ذرة في السماوات والارض فهو القائل: (وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) فكيف يذهب الانسان وهو أشرف المخلوقات هباء ويتبدد سدى، قال تعالى، (أفحسبتم أنا خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) كلا إن مادة الاجسام لا تفنى بعد موتها بل هي باقية موجودة بصور مختلفة وفى حفط من التبدد والضياع بأمر الله.

 

37- وقال تعالى في سورة الغاشية آية - 19: (أفلا ينظرون إلى الابل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت ؟).

  النظرة العلمية: تدعو هذه الآية الكريمة إلى التفكر في عجائب صنع الله الماثلة في الابل لتكون سفن الصحراء، ويدخل التفكر في خلقها وتكوينها في علم الاحياء، وإلى رفع السماء لتكون سقفا واقيا للارض من الرجوم التى تتساقط عليها من شهب ونيازك وأشعة كونية مهلكة، ويدخل ذلك في علم الفلك، وتدعو هذه الآية إلى التفكر في الجبال وكيف أنها تكونت من حركات الارض الباطنية التى لا يهدأ باطنها من الثوران وكذا التفكر في صخورها المختلفة الانواع ويدخل ذلك في علم الجيولوجيا، وهكذا تبدو آيات الله الخلاق العظيم في قرآنه الكريم لتذكر الناس وتحثهم على التأمل والتفكر والتدبر في آيات الله المحيطة بهم في الارض وفى السماء.

 

38- وقال تعالى في سورة الاسراء آية - 85: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) 

 

النظرة العلمية:

يقرر الفلاسفة والعلماء أنه مهما بلغ اجتهادهم وتبحرهم في العلم وأكثروا من التأمل والتفكير في الكون فإنهم أعجز من أن يقطعوا برأي حاسم في حقيقة الروح أو التعرف على أي شيء من ماهيتها، وقد حاول بعض كبار الفلاسفة القدماء أن يحلوا لغز الروح ويكشفوا عن سرها فحاموا حول حماها وأكثروا من التأمل والتفكير في أمرها ولكنهم لم يصلوا إلى شئ يكشف عن جوهرها ، ولا يزال التحدي قائما لمعرفة ماهية الروح وصدق الحق حيث قال { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا }

 

39- وقال تعالى في سورة الحج آية - 73: (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له، وأن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب)

 

 النظرة العلمية: لقد جاءت في القرآن آيات نزلت تتحدى العرب وهم أهل الفصاحة والبلاغة

أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، وتكرر في القرآن هذا التحدي البياني الذي كانوا يفتخرون ببراعتهم وتفوقهم فيه فعجزوا عن أن يأتوا بأصغر سورة من مثله، ثم إن القرآن بعد ذلك تحدى الناس جميعا تحديا ماديا أن يخلقوا ذبابة وهى حشرة ضئيلة فلم يقدروا كذلك، واستمر هذا التحدي قائما إلى عصرنا هذا أي بعد أكثر من ألف سنة من نزول القرآن وبعد أن تقدم العلم تقدما هائلا وبلغت التكنولوجيا ذروتها في التطور والاختراع، فهل تستطيع دولة العلم بعد ما بلغت من التفوق أن يقف الناس أمام هذا التحدي المادي ويصنع ذبابة واحدة ؟ ثم يسألهم هل لو سلبهم الذباب شيئاً من طعامهم هل يمكنهم استرداده ؟ وجاء عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى " ومن أظلم ممن ذهب بخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة " رواه البخاري ومسلم  .  – أين هذا كله من قانون الصدفة ؟!!!

 

إن القرآن الكريم هو كلام الله المعجز حقا قديما وحديثا، وكتابه الذي لا ريب فيه، فالقرآن معجزة خالدة ولكن إعجازه لا يقتصر على الاسلوب البياني المعجز فحسب وإنما فيما حوى من منهج  على تناول حقائق الاكوان والانسان والحيوان والنبات والحشرات وغير ذلك لان القرآن لم ينزل للعرب فقط وإنما نزل للناس كافة وفيهم من لا يعرفون العربية فكيف يكون الاعجاز القرآني مفهوما لديهم ؟ لقد تبين لهم هذا الاعجاز عن طريق المناهج العلمية والتشريعية والاصلاحية التي هي من أسرار الاعجاز العليا للقرآن والتي كلما تجلت علميا زانها الاداء البياني البليغ والاسلوب القرآني الرائع في مبناه ومعناه.

 

 قال تعالى في سورة الرعد آية - 3: ( ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين)

 

النظرة العلمية: يقرر العلم الحديث أن أزهار النباتات على اختلاف أنواعها تنقسم ثلاثة أقسام: أزهار مذكرة وأزهار مؤنثة وأزهار خنثى تجمع الناحيتين من عضو التذكير وعضو التأنيث معا، ومن الامثلة الموضحة لذلك النخيل فمنه نوع مذكر وآخر مؤنث، ونبات الذرة يحمل في وقت واحد أزهارا مذكرة وأخرى مؤنثة ونبات الفول له زهرة تجمع بين عضوى التأنيث والتذكير معا

 

 40- وقال الله تعالى في سورة يس آية - 65: (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون).

 النظرة العلمية: رأى العلم في هذه الحقيقة الكبري أن الاعضاء وهى حية ليست مركبة إلا من جزئيات وذرات تكونت وتجمعت فكانت أجساما وسيبعث الانسان على هيئته الاولى كما كان في الحياة بأعضائه جميعا وما انطبع عليها من آثار، وهذه عملية سهلة بالنسبة للخالق القادر الذى يقول في كتابه الحكيم: (وهو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده، وهو أهون عليه، وله المثل الاعلى في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم).

وقد أنطق الانسان الجماد في عديد من مخترعاته في الحاكي وفى شرائط التسجيلات الصوتية، ولم يقتصر على هذا بل اخترع جهازا اليكترونيا يقرأ الصحف والمجلات وغيرها من المطبوعات للعميان الذين فقدوا نعمة الابصار، كما اخترع تليفونا يسجل الرسائل التى تصل إلى صاحبه في أثناء غيابه عن منزله أو عمله ثم يعيد عليه ما سجله عند عودته.

وها هم رجال المخابرات يسجلون أقوال المتهمين آليا وهم لا يشعرون، ويجب أن يعرف كل إنسان أن مخابراتنا موجودة في أجسامنا ومنطبعة في حواسنا وكأنها شرائط تسجيل، وهى شهود لنا أو علينا يوم الجزاء في المحكمة الكبرى التي لن يكون قاضيها من قضاة البشر إنما قاضيها رب العالمين أحكم الحاكمين.

فإذا كان الانسان هذا المخلوق الضعيف توصل بعلمه المحدود إلى هذه المخترعات فهل يشك أحد في قدرة الخالق على إنطاق أعضاء الجسم بكل أعمالها المسجلة عليها.

41- وقال تعالى في سورة النحل آية - 70: { والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير }

 

النظرة العلمية: من عجائب بلاغة القرآن وأسرار إعجازه أنه يأتي بتعبيرات علمية غاية في الدقة ولا يعقلها إلا العالمون، فعبارة - لكيلا يعلم بعد علم شيئا - وهى مكونة من ست كلمات معناها بكل بساطة (ينسى)، وإذا كانت كلمة ينسى تغنى عن الكلمات الست فلم كان هذا الاطناب الذي لا داعي له ؟ ولكن الطبيب المختص بالامراض العقلية يبين لنا الفرق بين ينسى وبين لا يعلم من بعد علم شيئا وهذا سر الاعجاز العلمي في هذه القضية العلمية.

وذلك أن الشخص إذا نسى شيئا يمكنه بعد تذكر بعض الظروف أن يستعيد ما نسيه، أما الذي لا يعلم بعد علم شيئا فلا يمكن أن يتذكر مهما حاول ذلك، بل إنه في هذه الحالة قد ينسى إسمه، وهذه حالة من عوارض مرض انسداد شرايين صغيرة في المخ، وهذا الانسداد يكثر كلما تقدم الانسان في السن والذى يقول هذا الكلام بهذا الاسلوب الدقيق جدا علميا ، هو رب محمد صلى الله عليه وسلم، وهو رب العالمين، وهي كلمات مضيئة بنور العلم الربانى ويسجد أمام إعجازها علماء الطب لرب العلمين وغيرهم من ذوى الالباب.

42- وقال الله تعالى في سورة الانبياء آية - 104: (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين) تفسير علماء الدين: يوم نطوي السماء كما تطوى الورقة في الكتاب ونعيد الخلق إلى الحساب والجزاء، لا تعجزنا إعادتهم فقد بدأنا خلقهم، وكما بدأناهم نعيدهم، وعدنا بذلك وعدا حقا، إنا كنا فاعلين دائما ما نعد به.

النظرة العلمية: لقد وصل العلم أخيرا وبعد جهاد شاق في الدراسات والابحاث وبعد استعمال أدق الآلات من مجاهر ومحللات إلى أن هذا الكون الذى نعيش فيه قد بدأ من كتلة من السحاب تفجرت واتسعت لتكون وحدات الكون من مجرات وغيرها، وأنها لابد ستعود إلى التراجع لتعود كما كانت أول الخلق، وأن هذه السماوات المتسعة لابد وأن تطوى يوما لتصبح كما كانت أول مرة وأنه بذلك يكون فناء الكون، وقد جاء نص صريح عن فناء الكون في قوله تعالى: (فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر ويقول الانسان يومئذ أين المفر) أي أنه يحدث وقت التحام الشمس والقمر أي وقت حدوث اضطراب بين النجوم والكواكب وتوابعها وتصادمها وتحطيم بعضها بعضا.

43- وقال تعالى في سورة الحديد آية - 25: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس)

 

النظرة العلمية: الحديد أكثر الفلذات (المعادن) انتشارا في الطبيعة فيوجد أساسا في الحالة المركبة على هيئة أكاسيد وكبريتيد وكربونات وسلكات، وتوجد كذلك مقادير صغيرة من الحديد الخالص في الشهب والنيازك الحديدية، وقد أشارت الآية إلى أن الحديد ذو بأس شديد ومنافع للناس وليس أدل على ذلك من امتياز الحديد وسبائكه المتنوعة بخواص متعددة ومتفاوتة الدرجات في مجال الحرارة والشد والصدأ والبلى وفى تقبل المرونة والمغناطيسية وغيرها، ولذلك كان أنسب الفلذات

لصناعة أسلحة الحروب وأدواتها وأساسا لجميع الصناعات الثقيلة والخفيفة التى هي دعامة للحضارات المادية، وللحديد منافع أخرى جمة للكائنات الحية إذ تدخل مركبات الحديد في عملية تكوين الكلوروفل وهو المادة الاساسية في عمليات التمثيل الضوئى التى ينشأ عنها تنفس النباتات وتكوين البروتوبلازم الحى وعن طريقه يدخل الحديد جسم الانسان والحيوان ومن ذلك نجد أن الحديد له شأن خطير في الحياة، ولذا سميت سورة باسمه في القرآن للاشادة بأهميته.

44- وقال تعالى في سورة النور آية - 40: (أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور)  النظرة العلمية: تجمع هذه الآية أهم ظواهر عواصف البحر وأمواجه، فالمعروف أن عواصف

 

 البحار العميقة تنطلق منها أمواج مختلفة الطول أو السعة أو الارتفاع بحيث يبدو الموج منطلقا في طبقات بعضها فوق بعض فيحجب ضياء الشمس لما تثيره هذه العواصف من سحب ركامية سمكية يخيم معها الظلام في سلسلة من عمليات الاعتام التى تصل إلى حد انعدام رؤية الاجسام، ولما كانت نشأة الرسول صلى الله عليه وسلم في البادية حيث قضى طول حياته في الصحراء بعيدا عن البيئة البحريه فإن ورود هذه الدقائق العلمية عن الظواهر البحرية على لسانه وحيا من الله تعالى دليل على أن القرآن الكريم من عند الله، وعلى أنه معجزة هذا الرسول الكريم ، وأن هذا الكون من صنيعه سبحانه وتعالى ، قال تعالى{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك : 14]

45- وقال تعالى في سورة الانعام آية - 15، 16: (إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون، فالق الاصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم) 

 

النظرة العلمية: نرى النظرة العلمية في الآيتين معا أن هناك علاقة وطيدة بين قوله تعالى فالق

 

الاصباح وفالق الحب والنوى فظهور الضياء بانفلاق الصباح من الظلام هو في حد ذاته عنصر أساسى في نمو النبات والاشجار وهو الضوء، وذلك أن الحب والنوى بعد أن ينفلق كل منهما يحتاج إلى غذاء ينميها، وهذا الغذاء يتكون من عناصر الارض ومن ضوء الشمس، فضوء الشمس يقوم بعملية التمثيل الكلوروفلي الذى تنتج عنه المادة الخضراء اللازمة لتكوين المادة الغذائية داخل عروق النبات وفى ذلك دلالة على أن الحى من النبات يستمد حياته من الارض ومن الضياء وهما شيئان ميتان.

46- وقال الله تعالى في سورة يونس آية - 61: (وما يعزب عن ربك مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين).

 النظرة العلمية: كان الاعتقاد السائد قديما أن الذرة هي أصغر شي يتصور عقل الانسان وجوده من المادة، وأنه لا شيء أصغر منها حجما ووزنا، ولكن العلم أثبت أن الذرة تلك الشيء الضئيل الذي لا تراه العين مادة قابلية للتجزئة، وهذا ما نطق به القرآن قبل الكشوف العلمية الحديثة التي توصل إليها الانسان في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وقد تحقق قول القرآن بأن الذرة يمكن تحطيمها وأن ذلك التحطيم الصناعي لها قد أوجد منها قوة رهيبة يمكن استخدامها لدمار العالم أو عماره، وكل هذه الحقائق مسجلة في كتاب الله وعلمه المحيط بكل شيء فيه لانه هو الذي  لا يعزب عنه شيء في الارض ولا في السماء.

الذرة في أوائل القرن العشرين ظهر أن بعض المواد كالراديوم واليورانيوم تتجزأ من تلقاء نفسها وتخرج منها جسيمات ذات كهرباء موجبة تسمى (ألفا) وجسيمات ذات كهرباء سالبة تسمى (بيتا) وأشعة تسمى (جاما)، وقد توصل العلماء إلى وصف الذرة بأنها شئ ضئيل جدا يتكون من نواة مركزية مشحونة بشحنة كهربية موجبة تدور حولها جسيمات صغيرة جدا مشحونة شحنة سالبة، وتسمى هذه الجسيمات الكترونات بينها وبين النواة تجاذب، وقد توصل العلماء إلى تحطيم الذرة تحطيما صناعيا، وقد نشأت عن تحطيمها قوى هائلة ذات حدين أحدهما خطر مدمر والآخر صالح معمر.

47- قال تعالى في سورة الحجر آية - 22: { وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فاسقيناكموه وما أنتم له بخازنين)

 

النظرة العلمية: تبين لنا الآية إعجازا علميا غاية في الدقة والاحكام فهى تدل على أن الرياح أثناء هبوبها تحمل في طياتها حبوب اللقاح التى تأخذها من زهرة لتلقى بها في مبيض زهرة أخري فيكون على أثر ذلك التلقيح بين النباتات، كما أن الرياح علاوة على ذلك تحدث تلاقحا بين السحب المكهربة بالسلب والايجاب فينتج عن ذلك البرق والرعد والمطر، والمطر عندما يسقط على الارض بخصبها وتحيى مواتها، وهذا هو التلقيح بأوسع معانيه في الطبيعة.

 

آيات في عالم الحيوان والحشرات وغيرها من المخلوقات لها مدلول علمي

 

48- قال تعالى في سورة النور آية - 45: (والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشى على بطنه، ومنهم من يمشى على رجلين، ومنهم من يمشى على أربع يخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير)

 النظرة العلمية: تنظر عين العلم الباحثة الفاحصة إلى هذه الآية الكريمة على أنها دليل قائم على أن مصدر كل ما في العالم من كائنات حية هو الخلية الحيوانية المكونة من الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي من نبات وحيوان، ثم أنشأت في مملكة الحيوان أنواعا شتى منها ما يمشى على بطنه كالزواحف وما يمشى على رجلين كالانسان وما يمشى على أربع كالدواب، وقد ألف الناس رؤية هذه الحيوانات فلم يتغير عجبهم منها، ولكن العلماء المشتغلين بعلوم الاحياء يرون فيها مع الفحص والملاحظة والتشريح من عجائب الخلق ودقة الصنع ما يقوى إيمانهم بقدرة الله البديع الذي أتقن كل شيء أراد خلقه بصورة تذهل العقول فتبارك الله أحسن الخالقين.

ومما يدل على روعة الخلق وحكمته تعالى في إبداعه لها قوله تعالى:{ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران : 6]  وقوله تعالى { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ [السجدة : 7]  وقوله تعالى { اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ [الرعد : 8]  وقوله تعالى { وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ [الجاثية : 4] 

 

49-  قال تعالى في سورة الانعام آية - 38 (وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون)

 

النظرة العلمية: لقد اكتشف علماء الحيوان الذين يدرسون حياته الاجتماعية سواء منها ما تسعى في الارض أو تطير في السماء أو تسبح في الماء أنما هي شعوب وقبائل وأمم تربطها صلات وعلاقات وثيقة فهي لا تختلف في أسلوب حياتها ونشاطها عن أمم البشر الذين يعمرون الارض، وقد ألف علماء علم الاحياء مؤلفات كثيرة تبين نتائج ما وصلوا إليه من معلومات وحقائق عن نظام كل نوع من الحيوان والحشرات في حالة السلم والحرب وفى السعي لطب الغذاء وفى رعاية الصغار والضعفاء وما تلجأ إليه من حيل في التغلب على ما يواجهها من مصاعب وأخطار وفى انقيادها لما هيأه لها الخالق العظيم من أعمال تتلاءم مع بيئتها وبنيتها، والاهداف التى خلقت لها ويقول سبحانه وتعالى في سورة النحل (آية 6 - 9) تبيانا لذلك: (والأنعام خلقها لكم فيها دف ء ومنافع ومنها تأكلون، ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون)

 

50-  وقال الله في سورة البقرة آية - 164: (إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار، والفلك التي تجرى في البحر بما ينفع الناس، وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الارض بعد موتها، وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لآيات لقوم يعقلون).

 

 النظرة العلمية: تتجلى في هذه الآية مجموعة من العلوم الطبيعية التى بحث العلماء المتأخرون في موضوعاتها ووجدوا من القرآن خير مرشد للتفكير فيها، فقد أشارت إلى علم الفلك ونشأة الكون في قوله تعالى (خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار) وأشارت إلى علم الملاحة البحرية في قوله تعالى، (والفلك التي تجرى في البحر).

وأشارت إلى علم النبات والزراعة في قوله تعالى: (فأحيا به الارض بعد موتها)

وأشارت إلى علم الحيوان في قوله تعالى (وبث فيها من كل دابة).

وأشارت إلى علم الارصاد الجوية في قوله تعالى: (وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض) وقد أدى التفكير فيها إلى معرفة نواميسها ومقوماتها ونظامها، فسبحان من هذا كلامه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ويهدى إلى سواء السبيل، ويوجه عقل الانسان وقلبه إلى ملك الله يتأمله ليرى قدرته وحكمته وتدبيره الرائع في صنعه.

 

51- وقال الله تعالى في سورة المؤمنون آية - 18: (وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الارض وإنا على ذهاب به لقادرون) 

 

النظرة العلمية: توجه هذه الآية النظر إلى المطر الذي ينزل من السماء وكيف أنه يتكون نتيجة تبخر مياه المحيطات والبحار بحرارة الشمس وارتفاع هذه الابخرة لخفتها ثم تجمعها في السماء على شكل سحب لا تلبث أن تبرد ثم تتكاثف ويسقط منها مطرها بمائه العذب على سطح الارض مكونا بانحداره السريع من فوق الجبال والهضاب التى يسقط عليها أخاديد في الارض تجرى فيها مكونة الانهار لتروى الحقول وتخصبها، وإن من مياه الامطار ما يتسرب إلى باطن القشرة الارضية ويستقر بها مكونا المياه الجوفية التى توجد أحواضها في باطن بعض صحراوات العالم القاحلة والتى تخرج منها العيون والآبار لامداد الانسان والحيوان بالماء، والله سبحانه قد جعل هذه الدورة المائية بين السماء والارض متكررة بانتظام دائم، ولو شاء ربك لاوقفها ولكنه رب رحيم كتب على نفسه الرحمة ولا يترك عباده للهلاك، ويؤيد هذا الفضل من الله تعالى قوله تعالى في آيات أخرى (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا) (الرعد آية - 17) وقوله تعالى: (وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم) (البقرة آية 23)

 

52- وقال تعالى في سورة الرعد آية - 4: (وفى الارض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) 

 

 النظرة العلمية: يقرر علماء الجيولوجيا وهو علم طبقات الارض أن تربة القشرة الارضية التى تحطمت وتفتتت بفعل عوامل التعرية من رياح وعواصف وأمطار جعلتها لا تتحد في عناصرها بل صار لكل تربة طبيعتها وخواصها الذاتية، ويقرر علماء النبات أن جذور النباتات تمتد في التربة لتمتص الغذاء من عناصرها الملائمة لها وتحولها إلى ثمار يتميز بعضها عن بعض في الشكل والطعم والرائحة، وهذا هو المعنى العلمي الذى تشير إليه الآية بأن قطعة الارض الواحدة تتكون من عدة أجزاء متجاورة ومتلاصقة ولكنها تشمل في تكوينها مواد معدنية أو عضوية أو بكتيرية مختلفة، وعندما تسقى قطعة الارض الواحدة نجد أن ثمارها متنوعة لان بها أجزاء طينية وأخرى رملية إلى ثالثة كلية وأن كلا منها يختلف عن الآخر اختلافا تاما وعند ما تسقى قطعة الارض نجد أن ثمارها متنوعة في أشكالها وألوانها وطعومها من عنب وخضر ونخل ورمان مع أنها كلها سقيت بماء واحد.

53- وقال تعالى في سورة الرعد آية - 3: { وهو الذى مد الارض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى الليل النهار، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } 

 

 النظرة العلمية: في طيات هذه الآية الكريمة ثلاث حقائق أيدها العلم بدلائل قوية وهى: أولا أن الله مد الارض وجعل فيها رواسي، ومد الارض أي يسطها أينما سار الانسان عليها وقد سبق القول في بيان ذلك عند شرح قوله تعالى والارض بعد ذلك دحاها والتعبير بلفظ دحاها يدل على الاستدارة مع البسط في نفس الوقت.

ثانيا أنه سبحانه جعل في الارض رواسي أي جبالا لتحفظ التوازن اللازم للكرة الارضية التى تتكون من منخفضات عميقة في البحار والمحيطات ومرتفعات شامخة من الجبال والهضاب، وأنه لابد في هذه الحالة من استقرار للارض واتزان لانتظام حركتها مع ثباتها، وقد أثبتت الابحاث العلمية نظرية التوازن في الكرة الارضية بالبراهين الدامغة.

ثالثا - أنه سبحانه جعل من كل الثمرات زوجين اثنين، أي جعل في الاشجار التى تحمل الثمار نوعي الذكر والانثى حتى يتم تلقيح الاعضاء الأنثوية بطريق حبوب اللقاح الموجودة بالاعضاء الذكرية وبذلك تتوالد الانواع وتتكاثر.

54- وقال تعالى في سورة الرعد آية - 2: (الله الذي رفع السموات والارض بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش، وسخر الشمس والقمر كل يجرى لاجل مسمى يدبر الامر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون) 

 

 النظرة العلمية: كلما نظر الانسان إلى نجوم السماء وكواكبها يراها متماسكة وثابتة في مواضعها وهى سابحة في أفلاكها طبقا لنظام بديع لا تحيد عنه أبدا، وقد فسر العلم هذه القوة الكونية التى تحفظ السماء والارض والكون من التفكك وتصونه من الاضطراب والخلل بأنها قوة إلجاذبية التى اكتشفها عالم رياضيات انجليزى هو نيوتن في أوائل القرن السابع عشر عند ما لاحظ يوما أن تفاحة سفطت من شجرتها على الارض، فأخذ يفكر في أسباب سقوطها هي وغيرها من الاجسام التى تقع تلقائيا على الارض، وهداه تفكيره العميق إلى الوصول إلى استنباط نظرية الجاذبية واستطاع أن يضع لها قوانين دقيقة أثبت صحتها بالتجارب العلمية، ووضح بما لا يقبل الشك أن هناك علاقة بين كتل الاجسام المتجاذبة وبين المسافات التى بينهما، وقد ساعد قانون الجاذبية علماء الفلك على فهم الكثير من الحقائق الكونية التي كانت مجهولة تماما من قبل.

ويؤيد قانون الجاذبية هذا وأثره في تماسك الاكوان قوله تعالى في سورة فاطر آية - 41: (إن الله يمسك السماوات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا) وتدل هذه الآية على أن الله سبحانه هو الذى يمنع اختلال نظام السموات والارض ويحفظهما بقدرته من الزوال، ولئن قدر لهما الزوال ما استطاع أحد أن يحفظهما.

55- وقال تبارك وتعالى في سورة الانعام آية - 97: (وهو الله جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون)

 

النظرة العلمية: لقد ثبت بالملاحظة العلمية الدقيقة وبالمناظير المقربة أن النجم القطبى هو أحد نجوم السماء التى تبعد عنا بآلاف الملايين من الاميال، وأنه يبعد عن الكرة الارضية بنحو 300 سنة ضوئية، لوحظ أن هذا النجم يقع جهة الشمال دائما بالنسبة لسكان نصف الكرة الشمالي، أي أننا إذا اتجهنا نحوه تكون جهة الشمال أمامنا وجهة الجنوب خلفنا وجهة الشرق على يميننا وجهة الغرب على يسارنا، وبواسطة هذا النجم يمكننا أن نعرف مواضع الاماكن على سطح الكرة الارضية سواء كنا في سفر أو حضر، وقد استطاع الفلكيون بوسائلهم وأجهزتهم العلمية وحساب المثلثات أن يرصدوا أكثر النجوم ويعملوا لها جداول تبين مواقعها بالنسبة للارض لتكون مرشدا للمسافرين في البر والبحر وفى رحلات الفضاء إلى الكواكب، فسبحان الذى خلق هذا الكون الهائل في اتساعه الشاسع وفى امتداده الذى لا نهاية له وأنه سبحانه برحمته وعونه يهيئ لنا سبل الاهتداء فيه ليلا بالنجوم ونهارا بالشمس إلى مقاصدنا وقد امتن علينا في ذلك بقوله تعالى أيضا: (وعلامات وبالنجم هم يهتدون).

 56- وقال تعالى في سورة النحل آية - 68: (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون)

 

النظرة العلمية: إن بعض العلماء الذين كرسوا جهودهم لدراسة حياة الحشرات وقفوا على حقائق عجيبة وألفوا مئات الكتب التى أثبتت صحة ما جاء في القرآن من أن هناك فصائل برية من النحل تسكن الجبال وتتخذ من مغاراتها مأوى لها، وأن منه سلالات تتخذ من الاشجار سكنا بأن تلجأ إلى الثقوب الموجودة في جذوع الاشجار وتتخذ منها بيوتا تأوى إليها، ولما أراد الانسان أن ينتفع بعسل

 

النحل استأنسها وصنع لها خلايا من الطين أو الخشب يعيش فيها وهكذا تبين الآية الكريمة كيف كانت هذه الحشرات بإلهام من الله تأوي إلى مساكنها المختلفة منذ القدم إلى يومنا هذا.

57- وقال تعالى في سورة النحل آية - 69: (ثم كلى من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون)

 النطرة العلمية: تدل الدراسات المستفيضة لمملكة النحل أن إلهام الله لها يجعلها تطير لارتشاف رحيق الازهار فتبتعد عن خليتها آلاف الامتار ثم ترجع إليها ثانية دون أن تخطئها وتدخل خلية أخرى غير خليتها، علما بأن الخلايا في المناحل تكون مرصوصة بعضها إلى جوار بعض، وذلك لان الله سبحانه سهل أمامها طرقها وذللها لها بنوع من الاحساس الكهربى المغناطيسى في جسمها، وبعد أن يجمع النحل رحيق الازهار في جوفه يتحول هذا الجوف إلى مصنع يجعل من هذا الرحيق شرابا فيه شفاء للناس، وتلفظ النحلة عسلها عن طريق فمها لا عن شرجها، وفى قوله تعالى (شراب مختلف ألوانه) إشارة إلى أن لون العسل يختلف بحسب لون الازهار التى يرتشف النحل رحيقها، فالعسل الناتج من رحيق أزهار القطن يكون قاتم اللون بخلاف عسل أزهار البرسيم فهو فاتح اللون، ثم إن وصف القرآن لعسل النحل بأن فيه شفاء للناس هو حقيقة علمية أثبتتها التحاليل لهذه المادة لانها تجمع عدة عناصر متنوعة الاهمية في التغذية والعلاج فضلا عن أنه الغذاء الوحيد المعقم طبيا وأنه قاتل للميكروبات ومبيد للجراثيم بسبب احتوائه على مواد داخلة في تركيبه للقضاء عليها، فهل للانسان

أن يتأمل ذلك ويفكر في قدرة الله الذى يعلم السر في السماوات والارض ولا يخفى عليه شئ ؟ !

 

58- وقال الله تبارك وتعالى في سورة النحل آية - 66: (وإن لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين)

 

النظرة العلمية: توجه الآية عقولنا إلى الاعتبار بما في حكمه الله تعالى من إبداع بما في خلقه وروعة في صنعه حيث جعل اللبن يخرج من بين فرث (وهو فضلات الطعام) وبين الدم، وهذا يوضح ما كشف عنه علم وظائف الاعضاء في الاجسام من أن الجهاز الهضمى للحيوان يقوم بهضم الطعام وامتصاص الصالح منه وتحويله إلى دم يجرى في الاوعية الدموية لتغذية الجسم، ومن هذا الدم ما يصل إلى ضرع الحيوان حيث تبدأ الغدد اللبنية في هذا الضرع تستخلص من الدم العناصر اللازمة لتكوين اللبن، وذلك بعد أن تنصب عليه عصارات خاصة تحوله إلى لبن له مذاقه ولونه الخاص، ويخرج هذا اللبن من بين الفرث والدم سائغا لذيذا للشاربين فسبحان الله الذى يجعل غذاء الحيوان من حشائش وحبوب تتحول إلى لبن هو خير غذاء للانسان والحيوان لانه غنى بكل ما يحتاج إليه

الجسم من عناصر ضرورية لحياته وصحته.

59- وقال الله تبارك وتعالى في سورة يس آية - 80: (الذي جعل لكم من الشجر الاخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون) 

 

النظرة العلمية إن وراء هذه الآية حقائق علمية رائعة تدل على إعجاز القرآن العلمي في تقريره أن الشجر الاخضر هو مادة الوقود أي مادة الطاقة التى هي عصب الحياة الصناعية في عالمنا المعاصر، فقد دلت الابحاث الجيولوجية على أن الفحم الحجرى والبترول والغازات القابلة للاشتعال تستخرج كلها من باطن الارض، وذلك لان النباتات والاشجار والغابات التى نمت فوقى سطح الارض في قديم الازمان الجيولوجية أتت عليها ظروف متعاقبة من اضطرابات وانكسارات وتقلبات في القشرة الارضية جعلت تلك الغابات والاشجار تنطمر في باطن الارض، وتتعرض بعد ذلك لضغوط قوية ولحرارة شديدة فتحولت من أشجار خضراء إلى فحم حجري وبترول وغازات وهى من مواد الطاقة التي تستخدم نارها وحرارتها في الطهي والانارة والتدفئة وإدارة المصانع فسبحان الله القادر الذى هيأ لحياة الانسان على سطح الارض مواد نافعة من باطنها بعد أن تحولت من شجر أخضر إلى فحم أسود وبترول وغازات. وما أبلغ هذه الآية وما أعظم دلالتها قال تعالى { أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73)

60- وقال تبارك وتعالى في سورة النمل آية - 18: (حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون)

 

النظرة العلمية: صرحت الآية الكريمة بأن نملة تكلمت لكى تحذر جماعتها من خطر قد يدهمها، وفى ذلك دليل على أن النمل له لغة يتخاطب ويتحدث بها وهذا ما أثبتته الابحاث الحديثة بوسائلها العلمية الدقيقة عن حياة النمل الاجتماعية القائمة على التفاهم فيما بينها، وأن مجتمع النمل له كما لسائر الكائنات الحية لغة وأنها تتجاذب بها أطراف الحديث بكلام خاص أو باشارات مسموعة أو غير ذلك مما علمه الله لنبيه سليمان عليه السلام، ويتفاهم النمل بعضه مع بعض في كل ما يتصل بشئونها المختلفة، والنمل كما شوهد في مختلف بيئاته يقوم بمشروعات جماعية مثل مد الطرق وإقامة الجسور وبناء مستعمراته، ولا يمكن أن يتم التعاون على إنجاز هذه الاعمال إلا بالتفاهم بلغة متداولة بينها، وكل الذين دراسو حياة النمل وشاهدوا ما عليه حياة النمل من النظام الدقيق في بناء مساكنها وما عليه أفرادها من الذكاء والدهاء وسعة الحيلة وحب العمل والدأب الذى لا يعرف الكلل، ثم إن النمل هو الوحيد الذى يتلاقى في مجتمعات للتعارف وتبادل المنافع، كما أنه هو الوحيد من بين سائر الحشرات الذى يهتم بدفن موتاه وغير ذلك مما يدل على حياة منتظمة حية نشطة لها كيان ودستور يحكمها في كل سلوكها.

61- وقال تعالى في سورة العنكبوت آية - 41: (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون)

 

النظرة العلمية: إن الاعجاز العلمي كل الاعجاز في هذه الآية الكريمة يتجلى بأجلى معانيه في لفظة (اتخذت) بصيغة الفعل المؤنث وهى إشارة علمية في غاية الروعة والدقة للدلالة على أن ما يقوم ببناء بيوت العناكب هي الانثى منه، وأن الذكر من العناكب لا شأن له بذلك، وهذه حقيقة ما كان أحد مطلقا يفطن إليها وقت نزول القرآن، ولكن لما اشتغل علماء الاحياء حديثا بدراسة الحشرات ووضعوا في دراستها علما قائما بذاته تبينت لهم حقائق مذهلة عن حياة الحشرات التى تبلغ مئات الآلاف في أنواعها، وأن كل نوع منها يتميز بأشكاله وأحجامه وألوانه وطبائعه وغرائزه المميزة لكل نوع منها عما سواه، وقد دلت الدراسة المستفيضة للحشرات أن بعضها له حياة اجتماعية ذات نظم ومبادئ وقوانين تلتزم بها في إعداد مساكنها والحصول على أقواتها والدفاع عن نفسها والتعاون فيما بينها بصورة تدهش العقول وذلك بإلهام من خالقها الذى يجعلها تبدو وكأنها أمم لها كيان ونظام وعمران.

ومن دراسة حياة العناكب لاحظ العلماء أن بيت العنكبوت له شكل هندسى خاص دقيق الصنع ومقام في مكان مختار له في الزوايا أو بين غصون الاشجار وأن كل خيط من الخيوط المبنى منها البيت مكون من أربعة خيوط أدق منه، ويخرج كل خيط من الخيوط الاربعة من قناة خاصة في جسم العنكبوت، ولا يقتصر بيت العنكبوت على أنه مأوى يسكن فيه بل هو في نفس الوقت مصيدة تقع في بعض حبائلها اللزجة الحشرات الطائرة مثل الذباب وغيره لتكون فريسة يتغذى عليها، وإنه لمنظر يثير الدهشة حقا عندما يرى الانسان هذه الحشرة الرقيقة تتحرك بأرجلها الدقيقة بسرعة بين خيوط بيتها الواهي لتمسك بفرائسها، فسبحان الله الذى خلق كل شئ وقدر كيانه تقديرا وألهمه حياته تنظيما وتدبيرا ومع أن عالم الحشرات من العوالم المحجبة بأسرارها عنا ولا يعلم بعض خفاياها إلا الدارسون لها إلا أن القرآن الكريم اهتم بأمرها وسمى بعض سوره بأسماء حشرات منها مثل سورة النمل وسورة النحل وسورة العنكبوت ليلفت أنظارنا إلى قدرة خالقنا القدير وحكمة ربنا الحكيم وإحاطة ربنا العليم بعالمها، والله سبحانه لم يخلقها عبثا بل له حكمة عليا في النافع منها والضار وفى الظاهر منها والخفى، أنه سبحانه الذى أتقن كل شئ خلقه وله في كل شئ آية تدل على أنه الواحد.

 

62- وقال تعالى في سورة فاطر آية - 28: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، ومن الناس والدواب والانعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء) 

 

النظرة العلمية: ليس الاعجاز العلمي في هذه الآية هو التنويه فقط بما للجبال من ألوان مختلفة ترجع إلى اختلاف المواد التى تكون صخورها من حديد يجعل لونها السائد أحمر أو منجنيزا وفحم يجعله أسود أو نحاس يجعله أصفر وغير ذلك ولكن الاعجاز هو الربط بين إخراج ثمرات مختلفات الالوان يروى شجرها ماء واحد، وخلق جبال حمر وبيض وسود يرجع أصلها إلى مادة واحدة متجانسة التركيب أصلها من باطن الارض ويسميها علماء الجيولوجيا بالصهارة، وهذه الصهارة عندما تنبثق في أماكن مختلفة من الارض وعلى أعماق مختلفة من السطح يعترى تركيبها الاختلاف فتتصلب آخر الامر في كتل أو جبال مختلفات المادة واللون وهكذا فسنة الله واحدة لان الاصل واحد والفروع مختلفة ومتباينة وفي هذا متاع وفائدة لبنى آدم.

 

 63- يقول الله تعالى في سورة الاعراف آية - 31: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)

 

 النظرة العلمية: يرى علماء الطب أن الآية تبصر الناس بضرر الاكثار من الاكل والشرب لان الطب الحديث يقول إن للجسم حاجته المحدودة من الطعام والشراب والكافية لعملياته الحيوية فإن زادت عن ذلك زادت أعباء الجهاز الهضمى وإرهاقه، وزادت فضلاته ومخلفاته التى قد تتراكم في الجسم وتلقى عبئا على الاجهزة الاخرى المختلفة فتجهد الكبد والقلب والكلى، كما أن الافراط في الاكل يسبب التخمة التى تساعد على ظهور أمراض كثيرة مثل تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم والنقرس والروماتزم وأمراض القلب.

ويجب أن يعمل الانسان بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه " صحيح الجامع . ‌ 

 

  ولنا في الصوم خير علاج لتطهير الجسم من شرور الافراط في الاكل والشرب.

 64- وقال تعالى في سورة البقرة آية - 173:{ إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله } 

 

النظرة العلمية: تدل التحاليل الطبية لجسم الحيوان الميت أنه مات نتيجة مرض أصابه وهذا المرض يجعل لحمه فاسدا ومضرا بالانسان إذا أكله وقد يكون مرضا معديا، ودلت كذلك على أن في دم جميع المواد السامة والميكروبات التى تعرض الانسان للامراض الفتاكة بحياته، كما أظهرت التحاليل أن لحم الخنزير فيه مواد ضارة وديدان إذا دخلت جسم الانسان أضرت بصحته.

65- قال تعالى في سور المؤمنون آية - 20: (وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين)

 

النظرة العلمية: يقرر العلم أن شجرة الزيتون من الاشجار الخشبية التى تعمر طويلا لمدد تزيد على مئات السنين وتثمر أثمارا مستمرة بغير جهد من الانسان، كما تتميز بأنها دائمة الخضرة جميلة المنظر، وتفيد الابحاث العلمية أن الزيتون يعتبر مادة غذائية جيدة ففيه نسبة كبيرة من البروتين كما يتميز بوجود الاملاح الكلسية والحديدية والفسفاتية وهى مواد هامة وأساسية في غذاء الانسان، وعلاوة على ذلك فإن الزيتون يحتوى على فيتامين ا، ب ويستخرج من ثماره زيت الزيتون الذى يحتوى على نسبة عالية من الدهون السائلة التى تفيد الجهاز الهضمى عامة والكبد خاصة، ويفضل زيت الزيتون كافة أنواع الدهون الاخرى نباتية أو حيوانية لانه لا يسبب أمراضا للدورة الدموية أو الشرايين كغيره من الدهون، كما أنه ملطف للجلد إذ يجعله ناعما مرنا، ولزيت الزيتون استعمالات أخرى كثيرة في الصناعة إذ يحضر منه بعض الصناعات ويدخل في تركيب أفضل أنواع الصابون وخير ما نختم الكلام عن أهمية الزيتون من ناحيتيه الغذائية والدوائية أن الله سبحانه وهو العليم الخبير بما خلق يقسم به في قوله تعالى: (والتين والزيتون وطور سيناء، وهذا البلد الامين) للتنويه بشأن الزيتون وبركته وعظيم منفعته، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إشادة بنعمة الزيتون، (ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة ) صحيح الجامع

 

 66- وقال تعالى في سورة يونس آية - 24:  { إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

 

النظرة العلمية: تتجه بعض النظرات العلمية في هذه الآية الكريمة إلى تفسيرها تفسيرا عصريا في ضوء ما جد في العالم من القنابل الذرية، ويقول هذا التفسير أن الكفار والاشرار ممن سكنوا الدنيا وظنوا أنهم بما تيسر لهم من المخترعات الحديثة قادرون على إصلاح الدنيا عمارتها، كما أنهم قادرون عليها هدما وتخريبا وأنه لم يَقُم عندهم هذا الظن إلا بعد حصولهم على العلم الموصل إلى اختراع القنابل الذرية،  وأن الأرض سيصيبها دمار يجئ ليلا أو نهارا، والحقيقة أن الوقت واحد ولكنه يكون نهارا في نصف الكرة الارضية وليلا في النصف الآخر لان الارض بموقعها أمام الشمس يكون نصفها مضيئا أي نهارا ونصفها الآخر مظلما أي ليلا.

 

 *- وختاماً إليك هذه الآية وهي  قوله تعالى في سورة النور آية - 43:  أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ (43)   تشير هذه الآية إلى السحب الركامية التي تسوقها الرياح وتجعلها متراكمة فوق بعضها وينزل منها المطر ويتكون فيها البرد كالحصى الذي يتساقط مع المطر الغزير كالجبال فينفع بعض الناس ويضر بآخرين، وفى هذه السحب تتكون شحنات كهربائية سالبة وموجبة ينشأ عن احتكاكها الرعد والبرق الذي يذهب شدة ضوءه بالابصار، وهذه كلها حقائق أثبتها العلم الحديث ولم تكن معروفة من قبل، والخلاصة أن دولة العلم كلما ازدادت اتساعا ورسوخا كلما ازدادت أسرار القرآن وعلومه وآياته تألقا وتوهجا وذلك مصداق قوله تعالى: (سنريهم آياتنا في الافاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) سورة فصلت آية - 53  .

 

*- أخي صاحب الرسالة ، قد شاءت إرادة الله العليم الخبير أن يودع في القرآن كنزا ثمينا من العلوم القيمة المتعلقة بأمور الدين والدنيا، وقد عرض سبحانه هذه العلوم القرآنية في كتابه المقدس بصورة تخالف تمام المخالفة ما عليه كتب البشر القائمة على عرض مادتها بأسلوب المقدمات والتجارب والبراهين والنتائج بل جاء على نسق فريد من البيان المعجز الذي يسوق روائع المعاني ودقائق العلوم والمعارف خلال ما يلقيه من الحكم والمواعظ، وما يبديه من الترغيب والترهيب وما يبينه من الاوامر والنواهي والاحكام والشرائع وما يعرضه من العبر في ثنايا القصص والامثال فصار بذلك كتابا مقدسا حافلا بكل رائع من الآيات لفظا ومعنى وحقيقة وشريعة، فلا عجب أن يكون المعجزة الآلهية الخالدة، التي تدل على أن الاسلام هو دين الله الحق، وأنه المنهج الرباني الصالح لكل زمان ومكان وقد وصف الله في هذا القرآن كل ما أبدعه من مخلوقاته وصف العليم الخبير بأسرارها وأحوالها ومقوماتها بعبارات وإشارات ودلالات كانت وقت نزولها في عصر النبوة فوق إدراك عقول عامة الناس لتفشى البداوة والجهل في ذلك الحين، ولكنها كانت مفهومة فهما دينيا رائقا في قلوب الذين آمنوا إيمانا خالصا، وكانت روح الايمان تضئ أرواحهم فيرون آيات الله وبهائها في نفوسهم ساطعة الرواء.

وتؤكد السيرة النبوية أن محمدا صلوات الله وسلامه عليه كان نبيا أميا لا يقرأ ولا يكتب، وأنه عاش في صباه راعى غنم وفى شبابه مزاولا للتجارة وبعد زواجه اشتغل في مال زوجته بالتجارة، ولم يكن له أي ؟ نشاط في تحصيل العلم أو الاجتماع بأهل الكتاب لتلقى علومهم، ولذلك يسأل الناس: من أين لمحمد النبي الامي هذا العلم الرباني الغزير ؟ ومن أين له كل هذه الفيوضات من بحار العلوم الالهية والكونية التى هي فوق مدارك البشر في زمان نزولها ؟، إنها ولا شك من عند الله الذي أوحاها إليه في كتابه المبين، وما ألهمه إياها لبيان رسالة الدين الاسلامي الحنيف لانه صلى الله عليه وسلم ما كان ينطق عن الهوى.

*- أخي صاحب الرسالة من المعلوم عند كل ذي لب أن أثار الشيء يدل عليه مثال على ذلك

 

لو تصفحت كتابا يحمل في طياته علم طب وجراحة وشرح لجسم الإنسان هذا يعطيك إيحاءً أن مؤلف هذا الكتاب طبيب  وليس مهندساً ولا طاهياً ولا مزارعاً وهكذا لو تصفحت كتاب هندسة وتصميم لطائرات تتيقن أن مؤلفه مهندس طيران ، وكتاب في فنون الطبخ تفهم منه أنه مؤلفه طاهي وهكذا 

 

وعندما ترى هذا الكون وما شحن فيه من أسرار ومعجزات وآيات ألا يعطيك إيحاءً أن مكونه هو من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير .

 

لله في الآفاق آيات لعل                 أقلها هو ما إليه هداك

 

ولعل ما في النفس من آياته           عجبٌ عجاب لو ترى عيناك

 

الكون مشحون بأسرار إذا            حاولت تفسيراً لها أعياك

 

قل للطبيب تخطفه يَدُ الردى          يا شافيَ الأمراض من أرداك

 

قل للمريض مشى وعوفِيَ            بعدما عجزت فنون الطب من عافاك

 

قل للصحيح مات لا من علةٍ          من يا صحيح بالمنايا دهاك

 

بل سائل الأعمى خطى وسط      الزحام بلا اصطدام من يا أعمى يقود خطاك

 

بل سائل البصير كان يحذر         حفرةً فهوى بها من ذا الذي أهواك

 

وسل الجنين يعيش معزولاً بلا    راعٍ ولا مرعى من ذا الذي يرعاك

 

وإذ ترى الثعبان ينفث سمَّه        فسله من يا ثعبان بالسموم حشاك

 

وسله كيف تعيش يا ثعبان أو      تحيى وهذا السم يملأ فاك

 

واسأل بطون النحل كيف          تقاطرت شهداً وقل للشهد من حلَّاك

 

بل سائل اللبن المصفَّى من        بين فرث ودم من ذا الذي صفَّاك

 

وإذا رأيت النبت بالصحراء      يربو وحده فسأله من ارباك

 

وإذا رأيت النخل مشقوق         النوى فسأله من يا نخل شق نواك

 

وإذا رأيت النار شبَّ لهيبها      فسأل لهيب النار من أوراكَ

 

وإذا رأيت البدر يمشي ناشراً    أنواره فسأله من أسراك

 

وإذ ترى الجبل الأشم مناطحاً    قمم السحاب فسأله من يا جبل أرساك

 

لله في الآفاق الآيات لعل          أقلها هو ما إليك هداك

 

---------------------

 

سل الواحة الخضراء والماء جاريا           وهذه الصحاري والجبال الرواسي

 

سل الروضة بستانا سل الزهرة والندى        سل الليل والإصباح والطير  شاديا

 

سل هذه الأنسام والأرض والسما             سل كل شيء تسمع التوحيد لله ساريا

 

ولو جنَّ هذا الليل وامتد سرمدا               فمن غير ربي يرجع الصبح ثانيا

 

الله ربي لا أعبد سواه                           فهل في الوجود حقيقةً إلا هو

 

الشمس والقمر من أنوار حكمته                والبر والبحر فيضٌ من عطاياه

 

الطير سبحه والوحش مجده                   والموج كبَّره والحوت ناجاه

 

والنمل تحت الصخور الصُّم قدَّسه           والنحل يهتف حمداً في خلاياه

 

والناس يعصونه جهراً فيسترهم              والعبد ينسى وربي ليس ينساه

 

 

 

 

 

 *- وختاماً أقول يا أخي صاحب الرسالة هل الصدفة تخبرك عن ما مضى من الأمم السابقة وهل تخبرك عم ما سيأتي من أشراط الساعة ، استمع لهذا الحديث ،  روى الإمام أحمد عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ : (( جَاءَ ذِئْبٌ إلى رَاعِي غَنَمٍ فَأخذ مِنْهَا شَاةً فَطَلَبَهُ الرَّاعِي حَتَّى انْتَزَعَهَا مِنْهُ قَالَ فَصَعِدَ الذِّئْبُ عَلَى تَلٍّ فَأَقْعَى وَاسْتَذْفَرَ فَقَالَ عَمَدْتَ إلى رِزْقٍ رَزَقَنِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْتَزَعْتَهُ مِنِّي فَقَالَ الرَّجُلُ تَالَلَّهِ إِنْ رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ ذِئْبًا يَتَكَلَّمُ قَالَ الذِّئْبُ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا رَجُلٌ فِي النَّخَلَاتِ بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ يُخْبِرُكُمْ بِمَا مَضَى وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكُمْ وَكَانَ الرَّجُلُ يَهُودِيًّا فَجَاءَ الرَّجُلُ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ وَخَبَّرَهُ فَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا إمارة مِنْ أَمَارَاتٍ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ قَدْ أوشَكَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ فَلَا يَرْجِعَ حَتَّى تُحَدِّثَهُ نَعْلَاهُ وَسَوْطُهُ مَا أحدثَ أهلهُ بَعْدَهُ )) صحيح الإسناد كما قال الشيخ أحمد شاكر . وفي رواية له، قال صلى الله عليه وسلم : (( صدق والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يكلِّم السباع الإنس ويكلم الرجل عذبة سوطه ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده )) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة  .

 

*- ذئب يؤمن بالله تعالى وأن الله تعالى رب هذا الكون ، في المقابل يوجد من الناس ينسب ذلك للصدفة والله المستعان .

 

*- الصدفة كما أسلفنا أخي لا تخبرك ما سيكون من أمر الناس وما سيحصل لهم كلما اقترب الزمان وأوشك الكون على الانتهاء  ، ولكن نبيك صلى الله عليه وسلم أخبرنا ما سيكون من بعثته إلى يوم القيامة بما أوحى إليه الله تعالى خالق هذا الكون ومليكه والمتصرف فيه كيف يشاء ، وإذا أحببت أخي صاحب الرسالة الاستزادة بخصوص هذا الموضوع أن تعود إلى رسالتنا على الموقع بعنوان أشراط الساعة وما يتخللها من فتن و ملاحم  . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل

 

 

 

أسأل الله تعالى أن يرنا الحق حقاً ويرزقنا اتباعاه

 

ويرنا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه

تعليقات

المشاركات الشائعة