نبذة في مسألة سفر المرأة بدون محرم 



الجامعة حلبجة                                                     قسم أصول الدين

 

نبذة في

مسألة سفر المرأة بدون محرم

 

البحث في المادة : حفظ القرآن والحديث            إعداد طالبة : شادان محمد أحمد

المعلم المادة: هيوا محمد كريم

 

2019-2020    بمقابل   1440- 1441

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادية له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده  ورسوله .

[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ][1]

[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ][2]

 [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ( ) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ][3]

 فإن أصدق الحديث كتاب الله و إن أفضل الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار، الذي أقام الشريعة وقوم الفطرة وأحسن الخلقة ، والصلاة والسلام على النبي الأمين ، سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد :

فهذه بحث متواضع يتعلق بالسفر المرأة بدون ذوات المحارم ، مدعما بنص من من سُنة رسول الله ~ ، وأقوال العلماء في هذا المجال ، ولا أدعي أني وفيت الموضوع حقه وإنما حرصت على ذلك جهدي وطاقتي .

سبب اختيار الموضوع :

وقد كثر الكلام حول المرأة – وخروجها من البيتها ومساواتها للرجال – وذلك بعد استقلال البلاد المسلمين ، فمن مؤيد ومعارض لما قام به أصحاب الدعوات الباطلة والشعارات المضللة من دعوة إلى سفور المرأة وخروجها من البيت ، مدعين أنه سجنها الذي لا بد أن تخرج منه وكان المؤيدون أكثر ، فيى معظم البلاد الإسلامية وذلك حين تخلى المسلمون عن منهج الله الواضح الذي فيه قوتهم وهديهم ، وذلك المنهج هو كتاب الله تعالى الذي قال فيه   [ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ][4] وسنة نبيه ~ قال عنها : ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك )[5]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سفر المرأة بدون محرم

معنى المحرم:المَحرَم هو الزوج وكل من يحرم عليه الزواج من المرأة  على التأبيد بنسب أو رضاع أو مصاهرة.       

فالمقصود هو رعاية شئون المرأة والعناية بها في السفر وهذا لا يتأتى من الطفل الصغير .

والتأكيد في مسألة السفر على كونه كبيرًا أعظم منه في الخلوة التي لا يلزم فيها إلا كونه

حكم سفر المرأة بلا محرم:

الأصل أن لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم لتوافر الأدلة من السنة على ذلك ومنها:

قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم, ولا يدخل عليها رجل إِلا ومعها محرم، فقال رجل: يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج. فقال: اخرج معها[6]"

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم[7]"

وقد رويت أحاديث كثيرة في النهي عن سفر المرأة بلا محرم وهي عامة في جميع أنواع السفر.

 

 

 

 

تحرير محل النزاع:

اتفق أهل العلم على جواز سفر المرأة بلا محرم للضرورة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، والانتقال من البلد المخوفة إلى حيث البلاد الآمنة.

واختلفوا في سفرها لحج الفريضة على قولين مشهورين عند أهل العلم.

ولكن هل يجوز سفر المرأة بدون محرم لغير ضرورة ولغير حج الفريضة والعمرة الواجبة كالسفر لتجارة أو زيارة أهل ونحو ذلك؟

1- ذهب جماهير أهل العلم إلى تحريم سفر المرأة بدون محرم لغير ضرورة وحكى بعضهم الإجماع عليه (حكاه القاضي عياض والبغوي) ولا يصح حكاية الإجماع لثبوت الخلاف قبل ذلك .

أدلة الجمهور: تواتر الأدلة العامة على تحريم سفر المرأة بلا محرم ولم تفرق بين أمن الطريق وغيره.

2- وذهب آخرون إلى جواز السفر بدون محرم  بشروط يمكن معها أمن الفتنة والضرر، كرفقة نساء وأمن الطريق وغير ذلك وهو مروي عن الحسن البصري ويروى عن الأوزاعي وداود الظاهري وقول عند الشافعية[8]،  وهو قول عند الحنابلة اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ذكره عنه أعلم الناس باختياراته ابن مفلح[9] ،  ويبدو أن قوله الآخر - الموافق للجمهور- في أول حياته لا سيما وأنه في شرح العمدة الذي ألفه في أول أمره مقررًا للمذهب[10].

فقد ذكر ابن مفلح في (الفروع) عن شيخ الإسلام ابن تيمية: "وعند شيخنا تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وقال: إن هذا متوجه في كل سفر طاعة كذا قال ونقله الكرابيسي عن الشافعي في حجة التطوع. وقال بعض أصحابه فيه وفي كل سفر غير واجب كزيارة وتجارة[11]

 ونقل النووي: " قال الماوردي: ومن أصحابنا من جوَّز خروجها مع نساء ثقات، كسفرها للحج الواجب،  قال: وهذا خلاف نص الشافعي،  قال أبو حامد: ومن أصحابنا من قال: لها الخروج بغير محرم في أي سفر كان, واجبًا كان أو غيره.[12]

وقال: "ولا يجوز في التطوع وسفر التجارة والزيارة ونحوهما إلا بمحرم. وقال بعض أصحابنا: يجوز بغير نساء ولا امرأة إذا كان الطريق آمنًا. وبهذا قال الحسن البصري وداود، وقال مالك : لا يجوز بامرأة ثقة : وإنما يجوز بمحرم أو نسوة ثقات".

فهل تغيّر الأحوال وسهولة السفر اليوم تغيّر الحكم الشرعي في جواز سفر المرأة بلا محرم؟

إن قلنا: إن العلة من التحريم هي السفر - وإن كانت الحكمة المحافظة على المرأة- (فالشارع يعلق الأحكام بالوصف الظاهر المنضبط ولا يعلقها بالحكمة التي يصعب ضبطها) فإن الحكم لا يختلف، فالحكم معلق بالسفر حتى ولو  كانت الحكمة منها المحافظة على المرأة فنقول برأي الجمهور.

وإن قلنا إن العلة من التحريم صيانة المرأة والمحافظة عليها، فمتى ما حصل المعنى فقد تحقق الحكم الشرعي وتحصل مقصود الشارع .

ولا شك أن السفر بالطائرة اليوم بحيث يوصلها المحرم إلى المطار ويركبها الطائرة فتسافر في رفقة من الرجال والنساء وطاقم الطائرة، ويأخذها المحرم الآخر، أو الرفقة المأمونة من المطار الآخر فيه قدر كبير من الأمان والحفاظ على المرأة، ربما أبلغ من سيرها في طرقات المدينة، والأمور التي تحصل نادرًا في المطارات والطائرات في حكم النادر والنادر لا حكم له[13].

قال الإمام الباجي رحمه الله في كلام نفيس بعد نقل أقوال الفقهاء في سفر المرأة للحج بدون محرم: "ولعل هذا الذي ذكره بعض أصحابنا إنما هو في حال الانفراد والعدد اليسير، فأما القوافل العظيمة والطرق المشتركة العامرة المأمونة فإنها عندي مثل البلاد التي يكون فيها الأسواق والتجار فإن الأمن يحصل لها دون محرم ولا امرأة، وقد روي هذا عن الأوزاعي[14]"

ويتأكد هذا عند النظر إلى:

قاعدة: "ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، وما حرم لسد الذريعة فيباح للحاجة ".

كما قرر ذلك شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم رحمهما الله، ولا شك أن سفر المرأة بغير محرم مما حرم سدًا للذريعة ، أن الأصل في العبادات بالنسبة إلى المكلَّف التعبد دون الالتفات إلى المعاني، وأصل العادات الالتفات إلى المعاني كما قرر ذلك الإمام الشاطبي رحمه الله وأطال الاستدلال له.[15]

ما جاء في حديث عدي بن حاتم مرفوعًا: "يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تؤم البيت لا جوار معها"[16].

فهو وإن كان من باب الإخبار إلا أنه في سياق  مدح الزمان بانتشار الأمن ورفع منار الإسلام فيحمل على الجواز[17].

فعلى هذا نقول :

الأولى أن لا تسافر المرأة بدون محرم مطلقًا فهذا أكمل في الحفاظ عليها وصيانة كرامتها إلا أنه :

يجوز للمرأة السفر بالطائرة مع رفقة مأمونة من النساء كعائلة مثلًا بالضوابط التي تحافظ على المرأة وتصونها في كل حالة بحسبها، ومن تلك الضوابط:

1- إذا كانت هناك حاجة ملحة.

2- استأذنت ولي أمرها.

3- يصعب على المحرم مرافقتها أو امتنع من ذلك.

4- تحرص أن تكون ضمن رفقة نساء أو عائلة  لتضمن من يجلس بجوارها.

5- ليس سفرًا طويلًا أو يخاف فيه من الإجراءات المعقدة، وربما الانتظار لساعات أثناء التفتيش والدخول والتأكد من الأوراق الرسمية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سفر الخادمة:

تتساءل كثير من العوائل عن حكم سفر الخادمة معهم أثناء تنقلاتهم لأنها بلا محرم، وفي هذا السؤال قدر من الغرابة..!! ذلك لأنهم قد طلبوا تلك الخادمة أن تأتي بمفردها من أقاصي الدنيا إلى بلد وعائلة لا تعرفها، ولا شك أن العائلة اليوم هي آمن مكان لهذه المرأة في حلهم وترحالهم وسفرهم وإقامتهم، والمقصد من مشروعية المحرم هو الحفاظ عليها وصيانتها، وعلى هذا فتنتقل وتسافر معهم؛ لأنهم أحفظ لها من بقائها[18].

تذكرة

1.   الأصل تحريم سفر المرأة بلا محرم مطلقًا.

2.   يجوز سفر المرأة بلا محرم إذا وجدت ضرورة .

3.   سفر المرأة في وسائل المواصلات الحديثة الآمنة كالطائرة مختلف فيه بين أهل العلم وإذا وجدت حاجة ملحة ولا محرم قادر على السفر فالحاجة تقدر بقدرها وما حرم سدًا للذريعة يباح للحاجة إليه.

4.   سفر المرأة في رفقة نساء مأمونات أحفظ لها من سفرها وحدها

5.   يجوز سفر الخادمة مع العائلة لأنه أحفظ لها.

 

 

 

 

 

خاتمة

 

الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات، أحمده وأشكره على توفيقه في البدء والختام، فهو المحمود على كل حال، وأصلي وأسلم على خير الأنام سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الكرام.

نحمد الله سبحان وتعالى الذي وفقنا لإتمام هذه بحث الصغيرة السريعة ، عن نبذة في مسألة سفر المرأة بدون المحرم.

وبعد فالجواب على أولياء الأمور وحكام المسلمين وكل من بيده سلطة لتغير المنكر المبادرة لإزالته والإمتثال لأوامر الله تعالى وأوامر نهيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم مسؤولون أمام الله، حينما يقفوا بين يديه في يوم لا مرد له من الله.

ويمكن توصل إلى ذلك من قبل المسؤولين بالتحكم في وسائل المواصلات  ووضع القيود لمنع السفر المرأة بدون محرم وكذلك بالتحكم والرقابة على الفنادق وأماكن المبيت.

وإلى هنا تنتهي هذه البحث الصغيرة في حكم سفر المرأة .

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه محمد، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك ربي وأتوب إليه.

 

 

 

 

 

المصادر

 

شرح العمدة

الصحيح البخاري

صحيح المسلم

الفتاوى الكبرى

فتاوى ورسائل الشيخ عبد الرزاق

الفروع

المجموع شرح المهذب

مسند إمام أحمد

المنتقى شرح الموطأ

الموافقات انظر عمدة القاري

أحكام وتوضيحات المعاصرة، https://www.fikhguide.com/tourist/travel/209



[1]  - النساء \ 1

[2]  - آل العمران \ 102

[3]  - الاحزاب \ 70_71

[4]  - الإسراء \ 9

[5]  - مسند إمام أحمد 4 \ 126

[6] صحيح البخاري، الرقم: 1763.

[7] صحيح البخاري، الرقم:  1038،  صحيح مسلم، الرقم: 1339.

[8] المجموع شرح المهذب،  8/342.

[9] شرح العمدة، 2/172-177.

[10] والفتاوى الكبرى، 5/381.

[11] الفروع، 3/177.

[12] المجموع شرح المهذب، 8/342.

[13] فتاوى ورسائل الشيخ عبد الرزاق 1/201.

[14] المنتقى شرح الموطأ 3/17.

[15] الموافقات 5/209.

[16] الصحيح البخاري 3400.

[17] انظر عمدة القاري 16/148.

[18] أحكام وتوضيحات المعاصرة، https://www.fikhguide.com/tourist/travel/209

تعليقات

المشاركات الشائعة